في كل القضايا، لا أجيد الكتابة على طريقة الفزعات، وحين التحدث عن الأمن العام ودوره في حفظ الأمن والقانون، فالفزعة لا تخدم أحدا، ولا توصل فكرة تستقر في ذهن القارىء والنخبوي والمتابع المؤيد، والمعارض العقلاني الباحث عن الحقائق، والراغب في تغيير ما يعتقده خطأ.
تقريبا؛ نصف أرشيفي الكتابي متعلق بالأمن العام والقوات المسلحة وسائر دروع الوطن، وكذلك أقول عن برامج إذاعية أعددتها وقدمتها لمدة تزيد عن ثماني سنوات، وبعد كل هذا أجد نفسي ملزما أن أكرر وأعيد بعض ما كتبت من أفكار وحقائق.. ففي كل مرة وعند كل حادثة أمنية متعلقة بجهود أي من مديريات واختصاصات الأمن العام، تجد من لا يفهم بالسرعة المطلوبة، حتى لا أقول من لا يريد أن يفهم ويغير بعض القناعات والنوايا ضد السلطة بكل أشكالها.
الجريمة التي (أدهشت أهل الثرثرة الجوفاء)، وهزت وجدان الأنقياء وكدرت أمنهم وصفو نفوسهم، والتي حدثت قبل أيام في الجامعة التي أعتبرها نموذجية، وأعني جامعة العلوم التطبيقية، حين قام شاب تائه ضائع بقتل طالبة أمام قاعة الامتحان، وتوارى عن الناس، وحاول الهروب، ظنا منه بأنه في منأى عن أن تطاله يد العدالة.. ثم كانت يد القدر أقرب، وانتهت القصة، لكن هؤلاء لم ينتهوا عن الظن المريض والتشكيك الخبيث.
من بين ما شاهدت وقرأت حول النهاية التي اختارها القاتل لنفسه، تشكيك وتخوين واتهام بعدم تصديق جهود ورواية جنود الأمن العام!.. وهي ليست الحالة الأولى التي يعبر فيها هؤلاء عن مرضهم المزمن، فهم دوما يحاولون أن يتقمصوا دور الشيطان في هذا المجتمع المبتلى بهم، ودوما يظهر الحق ويزهق الباطل.. فالباطل كان ومازال زهوقا.
للمرة الألف؛ لولا جهود ووفاء ومهنية ووطنية جهاز الأمن العام، لأصبحت الحياة قاسية جدا على الناس، وحين نذكر ونثمن عاليا دور المخابرات العامة والقوات المسلحة، فنحن نميز جهود الأمن العام أكثر، لأنه الجهاز الأكثر تماسا بالحياة العامة للناس، وهو الجهاز الذي تعامل بديناميكية ومرونة وانتهج سلوكا وطنيا ديمقراطيا عمل على إبراز سيادة القانون، وتقديس حقوق الإنسان في كل خطوة تغيير قام بها، ولا يتسع المقال لذكر الأمثلة العظيمة التي قدمها الأمن العام، وجعلته مؤسسة أقرب للناس وهمومهم أكثر من المؤسسات السياسية الحكومية، وهذا قول ذكرته في عشرات المقالات، وعزوته للوطنية والوعي والامانة والرحمة والرأفة بالناس، التي غدت محورا رئيسيا في تعامل كل شرطي وضابط في هذا الجهاز..
مثلا؛ حين يتنافخ أحد زبائن المطاعم في شارع (الجيعانين) على شرطي سير، وقف مهندما صابرا على الظروف الجوية، والنفسية التي يظهرها كثير من سائقي السيارات في ذلك الشارع، ويغضب المتنافخ الجائع، الذي يشتري (ساندويشات) بمبلغ قد يتجاوز ربع أو حتى نصف راتب ذلك الشرطي الشامخ، ويتأفف من إشاراته في تنظيم السير، فهي حالة من فصام وعدم تقدير أو احترام فوق عدم الالتزام بقانون وحقوق للآخرين.. تجعل من الطبيعي أن هذا المتنافخ ومن هو على شاكلته، ان يشكك بجهود ورواية وشفافية بل وتضحيات هذا الجهاز، في تعامله مع قضية قتل الطالبة في الجامعة وغيرها من القضايا.
أعتقد أن (البعارين والجواميس والأرانب) ..أجلّكم الله، ورغم أنها كائنات مرفوع عنها القلم والحساب، إلا أنها سعيدة بعقولها وسلوكها، أكثر من هؤلاء الهائمين والعائمين في سراديب العتمة وظلمات النفوس والقلوب والعقول..
يخرب بيتكو شو شياطين وسوداويين وخونة ساقطي نظرة وفكرة.. لو لم تكونوا بهذه الصفات لقلت لكن : استحوا، لكن لا يعرف الحياء إلا أهله، وأنتم لستم منهم.