تداعى الجسد الأردني الواحد أمس الأول، لحادث العقبة الأليم، بالوقوف مع ثغر الأردن الباسم، شعبيا ورسميا وأمنيا وعسكريا، فاتجهت بوصلة الاهتمام المحلي بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني للتعامل مع هذا الحدث الذي أوجع كل بيت أردني، وتقديم كل ما يمكن بالأجساد والأرواح للسيطرة على الحادث وتقليل حجم الأضرار بالقدر الممكن.
لم يكن أمس الأول يوما عاديا عند الأردنيين، فقد هرعت أجهزة الدولة بمتابعة شخصية من جلالة الملك، وولي العهد سموالأمير الحسين، للوقوف على تفاصيل ما حدث، عندما انفجر صهريج يحتوي على مادة غاز الكلورين في ميناء العقبة، والتعامل مع تسرب الغاز الذي يحتاج آلية علمية معينة، نجحت بالسيطرة عليه الأجهزة الأمنية، بقدرة عالية وتفوّق يسجّل لها انجازا يضاف لإنجازاتها.
منذ لحظة وقوع الحادث، توجّه رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة يرافقه الوزراء المختصون إلى العقبة، ليبقى في الميدان حتى الإطمئنان أن الحياة عادت لطبيعتها، ولو بصورتها العامة، متابعا كافة التفاصيل بنفسه في السيطرة على تسرّب الغاز وعلى المصابين والإطمئنان على واقع الخدمات الصحية والطبية، وكذلك الإطمئنان أن آثار الغاز لم تعد مقلقة، إذ تم السيطرة عليها، ليبقى الدكتور الخصاونة حتى ساعات الصباح متفقدا موقع الحادث ويؤكد أن الوضع آمن وعودة الحياة إلى طبيعتها.
وفي حديثنا عن هذا الحدث الموجع، الذي راح ضحيته (13) شهيد واجب، فيما تجاوز عدد المصابين الـ (200) ليبقى (130) مصابا يتلقون العلاج في المستشفيات وحالتهم العامة بين المتوسطة والخفيفة، علينا في هذا السياق أن نتحدث عن دور الأجهزة الأمنية من شرطة ودفاع مدني ودرك، والذين قاموا بجهود أقل ما توصف به أنها جبّارة وضخمة، لم يقف أيّ منهم للتفكير بروحه وجسده، وكان دورهم انقاذ المتواجدين أثناء الحادث، والسيطرة على تسرب الغاز، ليتم ذلك بكل نجاح واقتدار وتميّز، وبأفضل أساليب التعامل مع مثل هذه الحوادث.
بالأمس، غادر 25 من مصابي الأجهزة الأمنية جرّاء جراء الحادث من شرطة ودفاع مدني ودرك، المستشفى بعد تلقيهم العلاج والاطمئنان على صحتهم، حيث كانوا قد تعرضوا للإصابة جرّاء وجودهم في الميناء، والمنطقة المحيطة به بحكم وظائفهم اليومية وعملهم هناك بأعمال الحراسة والرقابة، بالإضافة إلى عدد من مرتبات معبر حدود الدرة المجاور لمنطقة الحادث، كونهم كانوا أول المتواجدين وآخر المغادرين، لحرصهم على تأدية دورهم المقدّس بروح وطنية عالية تنسى بها الأنفس ولا يرون أمامهم سوى عودة الحياة لطبيعتها وعودة ثغر الأردن الباسم لألقه.
منذ لحظة الإبلاغ عن الحادثة تحركت فرق الدفاع المدني على الفور، وكان المستجيب الأول وفق مديرية الأمن العام فريق المواد الخطرة في الدفاع المدني بحكم استعداده بالخطط الموضوعة للتعامل مع الطوارئ المعدة مسبقاً، والجاهزية العالية في الآليات واللباس والمعدات، كما توجه فريقان متخصصان من إدارة المختبرات والأدلة الجرمية، لموقع الحادث ليتم التعامل بكل حرفية ومهارة مع الحادث، ومحاولة تقليل حجم الخطر، وعدم اتساع دائرته، سيما وأنه جرى التعامل مع الحادثة من قبل فرق ووحدات تابعة لمديرية الدفاع المدني، من بينها فريقا المواد الخطرة، والإنقاذ المائي، إضافة إلى فريق من مديرية شرطة العقبة، وقيادة درك العقبة، والفريق المختص من إدارة المختبرات والأدلة الجرمية.
حضور أمني تم خلاله التعامل مع 450 حالة إسعاف لمصابين، لا يمكن تجاوزه وسط تفاصيل الحادث الأليم، والذي حدّ بشكل كبير من أن يكون لآثاره تبعات أكثر ألما وسلبية، وتم بتشارك هذه الجهود مع الجهود الحكومية والصحية السعي لعودة الحياة طبيعية وأعني هنا طبيعية لجهة السيطرة على تسرّب الغاز، فما تركه الحادث من وجع على أرواح ضحاياه حتما لا يمكن تجاوزه أو الحدّ من وجعه.