زاد الاردن الاخباري -
اتسم رد فعل الجزائر تجاه إعلان إسبانيا بدء توريد الغاز للمغرب بشكل عكسي عبر الأنبوب المغاربي بالشكوك خاصة بعد تأكيد الإعلام الإسباني أن مصدر الغاز للمغرب "مجهول"، ما يفتح الباب أمام تصعيد الأزمة وتوسيعها لتدخل الجزائر في مواجهة مع التكتل الأوروبي، وفقا لمحللين.
وأعادت مدريد تنشيط الجزء من خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي الذي أوقفته الجزائر، في أكتوبر، عندما قطعت العلاقات مع الرباط بسبب الصراع المستمر على الصحراء.
وهددت حكومة الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في أواخر أبريل، بقطع الإمدادات عن إسبانيا إذا تم تحويل الغاز إلى المغرب.
هل تشهر الجزائر ورقة الغاز؟
والشهر الماضي قال السفير الجزائري في إيطاليا: "إذا قررت إسبانيا إعادة تصدير الغاز الذي تشتريه من الجزائر إلى دول ثالثة، فقد تخرق الجزائر العقد".
ومع كتمان مصدر الغاز الذي تم تحويل شحنته الأولى إلى المغرب، الثلاثاء، تنظر الجزائر بعين الريبة لذلك رغم أن إسبانيا أعلنت أنها تضمن شفافية العملية، فهل تقدم الجزائر على إشهار أقوى ورقة في مواجهة إسبانيا؟
لا يستبعد خافيير بوراس، الأستاذ في جامعة سان بابلو، في حديث لصحيفة "ديباتي" الإسبانية أن تلجأ الجزائر إلى ورقة الغاز.
ويضيف "إذا كانت الجزائر مستعدة لتحمل عواقب إلغاء العقد، فلا شيء يمنعها من القيام بذلك".
ولضمان عدم وصول الغاز الجزائري إلى المغرب، تقوم شركة "إيناغاس"، بصفتها المدير التقني لنظام الغاز، بالتحقق من منشأ ناقلة الغاز الطبيعي المسال بالغاز الذي اشتراه المغرب، وبعد تفريغها، تصدر شهادة تحتوي على البيانات ذات الصلة: مرجع السفينة، المنشأ، المسوق، الحجم الذي تم تفريغه، من بين أمور أخرى.
المعارض الجزائري، وليد كبير، يقول في حديث لموقع "الحرة" إن "إسبانيا قدمت ضمانات بخصوص مصدر الغاز الذي سينقل عبر الأنبوب المغاربي".
ويستبعد كبير قطع الجزائر للغاز عن إسبانيا، لأن العقد الموقع بينهما يمتد إلى 2030، وفي حال إلغائه قد تلجأ مدريد إلى المحكمة الدولية وتحصل على تعويضات ضخمة، بحسب تعبيره.
ويذهب الدبلوماسي الجزائري السابق، محمد العربي زيتوت، في نفس الاتجاه، ويشير في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "الجزائر لن تقطع الغاز، لكنها بالمقابل قد ترفع سعره وتبيعه لإسبانيا بثمن السوق الدولي".
وبعد أشهر من اتفاق ثنائي بين البلدين، بدأت إسبانيا، الثلاثاء، بتزويد المغرب بالغاز المسال بشكل عكسي عبر أنبوب "المغاربي" الذي سبق أن أوقفت الجزائر العمل به، لكن مصدر الغاز الذي يشتريه المغرب "مجهول".
إسبانيا تضمن أن الغاز المورد للمغرب ليس جزائريا
وقالت صحيفة إلبايس إن تدفق الغاز بدأ، الثلاثاء، إلى الرباط عبر إسبانيا من "مورد مجهول الهوية".
تبعات القرار المحتمل على العلاقات مع الاتحاد الأوروبي
وتوقفت الجزائر عن إمداد إسبانيا بالغاز عن طريق المغرب، في نهاية أكتوبر من العام الماضي، عبر خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي على خلفية الأزمة الدبلوماسية بين البلدين بشأن قضية الصحراء الغربية.
يقول الدبلوماسي السابق، زيتوت، في حديثه للحرة إن الجزائر لن تصعّد بقطع الغاز خشية من رد الفعل الغربي وخاصة الأوروبي، ويشير إلى أن المسؤولين الجزائريين "رأوا كيف كانت ردة فعل الاتحاد الأوروبي عندما تم إيقاف معاهدة الصداقة"، موضحا أن رد فعل الأوروبي "كان غاضبا بل حمل لهجة تهديدية"، بحسب تعبيره.
ويتابع الدبلوماسي السابق أن رد فعل الأوروبيين دفع النظام الجزائري إلى الإطاحة بوزير المالية بعدما نسبت له التعليمات التي قضت بتوقف البنوك عن تمويل التجارة مع إسبانيا.
وحذّر الاتحاد الأوروبي الجزائر من تداعيات القيود التجارية التي فرضتها على إسبانيا، معتبرا أنها تشكل على ما يبدو "انتهاكا لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، خصوصا في مجال التجارة والاستثمار".
واتّهمت الحكومة الإسبانية الجزائر، الخميس، بوقف التبادلات التجارية الثنائية بشكل شبه كامل، باستثناء الغاز، مناقضة بذلك النفي الجزائري، في خضم أزمة دبلوماسية بين البلدين حول الصحراء الغربية.
ويرى كبير في حديثه للحرة أن الجزائر يمكن أن تقطع الغاز عن إسبانيا وتتحمل تبعات ذلك، و"تدفع تعويضات ضخمة لأنها تعتقد أن ارتفاع ثمن الغاز في السوق الدولي يمكن أن يوفر السيولة المالية لدفع تعويضات".
لكن بالمقابل، يقول كبير، إن ذلك سيجلب "تبعات مباشرة من الاتحاد الأوروبي لأن قطع الغاز سيهدد الأمن الطاقي لدول الاتحاد الأوروبي ولذا فإن القرار الجزائري، في حال اتخاذه" ستترتب عليه عقوبات أوروبية على البلاد فيما يخص التجارة والكثير من المواد التي يستوردها الجزائريون من السوق الأوروبي".
ويشير كبير إلى أن الخطوة الجزائرية المحتملة يمكن أن تؤثر حتى على الاتفاق مع إيطاليا، لأن الاتحاد الأوروبي له وزارة خارجية موحدة تتكلم باسم جميع دوله.
وتمر العلاقة بين إسبانيا والجزائر بأكثر لحظاتها تعقيدا. وفي 8 يونيو، علقت الجزائر معاهدة الصداقة مع مدريد. وبعد ذلك بيوم، علقت أيضا المدفوعات للشركات الإسبانية الموجودة على أراضيها.