قبل سنوات، خشيت أن تصبح عادة في العيد، أن نشتري (المعمول) من السوق، علما أن كل الاختراع لم نكن نعرفه، شو يعني معمول العيد !!، لكن ولست أخفيكم سرا بأنني قبل عام، اشتريت معمولا من أكثر من محل ومخبز في نفس اليوم، وقد كلفني هذا مبلغا (حوالي 70) دينارا، وهو رقم مهول، حين أنفقه «أنا» على هيك سواليف.. المهم في القصة أنني سجلت ذلك اليوم في ذهني، ولم اسقط في الشرك مرة أخرى، وحين فكرت بالمعمول وطقوسه التي داهمت الناس، قلت لم لا؟!.. فليتعلموا إعداده في البيت، وليتني ما حكيت.. حيث كان ثمن القائمة الأولية يزيد عن 50 دينارا، حيث قررت الانسحاب من هذه الورشة الطقوسية «الغازية» لعيدنا، واكتفيت بتلك القائمة .. وما بعرف شو مصيرها.
حين كنت في محل البهارات أو المحمص، كنت أقرأ من تلك القائمة، وكان شباب المحمص، يلبون الطلب بسرعة فيها (دربة)، ففهمت بأنهم بدورهم يعيشون موسما من الطلب على هذه السلع، وكانا يتبادلان الإجابة عند ذكر اسم سلعة معينة (لا والله ما ظل سميد ناعم.. ما ظل كذا...)، فأجبتهما: شو جابني عليكو.. كله ما ظل ما ظل!!.. فأجابني الشاب الأصغر: والله يا عمي الناس سحبوه كله.. عندئذ فهمت بأنني لست وحدي المتذاكي هنا، والباحث عن الترشيد، فهمهمت بشتائم طالت كثيرين.. باعتبارهم (يجحدون النعمة ويتأففون من الوضع، بينما هم ينفقون أموالا على كماليات).. أي أن الناس معها قروش يا عمي، ووضعهم فوق الريح.
مما سمعته من تفسيرات تقدم بها الشابان في ذلك المحل، هذا (عيد اللحم).. أي أن كثيرا من الناس يتجهزون لازدراد كميات من اللحم والحلويات، و(ما ناس منهم سائل عن عرب شالت).. في النهاية لا نقول الا الله يرزق الناس ويسعدهم..خليهم يبرطعوا.
ليس عيد اللحم فقط، بل هو أيضا عيد الدم، ولا أتحدث عن دم الأضاحي التي يجري ذبحها في بعض الشوارع، بل أتحدث عن دماء أبناء وأشقاء سالت قبيل العيد، حيث طالعتنا الأخبار ب(حفنة جرائم) حدثت في هذه الأيام.. تعرفونها وسمعتم عنها، وقلتم (لا حول ولا قوة الا بالله)..
الرحمة والحكمة والصبر .. كلها في خطر، والقلوب تزداد تصحرا، حتى الدم نضب من العروق، وصار (ميه).