زاد الاردن الاخباري -
تقول رواية أن أبا البشر آدم وزوجه حواء تشتت شملهما بعد طردهما من الجنة، وطافا الارض بحثا عن بعضهما الى ان التقيا في مكان تعارفا فيه وبات اليوم يسمى عرفة قرب مكة المكرمة، والذي بات الوقوف فيه اليوم يعد أعظم ركن في الحج.
على أن رواية أخرى تقول ان جبريل طاف بالنبى إبراهيم عليه السلام حين كان يعلمه مناسك الحج، واخذ يسأله بعد كل منسك ومكان يريه اياه قائلا: "أعرفت أعرفت؟" فيجيب إبراهيم: "عرفت عرفت" ولهذا سمى عرفة.
وبعيدا عن الروايات، فان يوم عرفة، وهو التاسع من شهر ذى الحجة، يعد من أفضل الأيام عند المسلمين إذ إنه أحد أيام العشر من ذى الحجة، وفيه يقف الحُجّاج على جبل عرفة الواقع على بعد 22 كيلومترا الى الشرق مكة على الطريق الرابط بينها والطائف.
وهو بخلاف ما يعتقده كثيرون، ليس مجرد جبل، بل موقف تمتد مساحته نحو 10 كيلومتر مربعة، اما الجبل الذى يظهر فهو جبل لا اسم له، مع ان البعض يطلق عليه جبل الرحمة، وهو موضع وقوف النبى صلى الله عليه وسلم.
كما أن الاعتقاد أن الوقوف بعرفة لا يصح دون الوقوف على هذا الجبل خطأ.
ولعرفات أربعة حدود، أولها ينتهى إلى حافة طريق المشرق، والثانى إلى حافات الجبل الذى وراء منطقة عرفات، والثالث إلى البساتين التى تلى قرية عرفات، وهذه القرية على يسار مستقبل الكعبة إذا وقف بعرفات، والرابع ينتهى إلى وادى عرنة.
وفى الوقت الحالى تم وضع علامات حول منطقة عرفة أو عرفات تبين حدودها، ليتنبّه لها الحاج.
وحدود عرفة من ناحية الحرم هى نمرة وثوية وذى المجاز والأراك، وهى مناطق لا يجوز للحاج الوقوف بها كونها خارج عرفة. وهناك علمان فى بداية المنطقة وآخران فى نهايتها وذلك لتحديد المنطقة، وبينها بطن عرنة التى قال فيها النبى محمد: «عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة».
ويحد عرفات من الغرب وادى عرنة الذى يقع فيه مسجد نمرة، ومؤخرا أصبح المسجد بعد التوسعة داخل منطقة عرفة سوى مقدمته التى هى خارج حدود عرفة.
يوم عرفة .. الركن الإعظم
يعد الوقوف بعرفة أهم ركن من أركان الحج لقول النبى محمد صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة فمن جاء قبل صلاة الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه".
ولهذا، فانه مع شروق شمس يوم التاسع من ذى الحجة يخرج الحاج من مِنى متوجها إلى عرفة للوقوف به، والوقوف بعرفة يتحقق بوجود الحاج فى أى جزء من أجزاء عرفة، سواء كان واقفاً أو راكباً أو مضطجعاً، لكن إذا لم يقف الحاج داخل حدود عرفة المحددة فى هذا اليوم ففد بطل حَجُّه.
ويمتد وقت الوقوف في هذه البقعة من زوال شمس يوم عرفة إلى طلوع فجر اليوم التالى وهو أول أيام عيد الأضحى.
وخلال ذلك يصلى الحاج صلاتى الظهر والعصر جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين، ويستحب للحاج فى يوم عرفة أن يكثر من الدعاء والتلبية وذلك لقول النبى محمد: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلى لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير".
يبقى الحجاج فى عرفة حتى غروب الشمس، فإذا غربت الشمس ينفر الحجاج من عرفة إلى مزدلفة للمبيت بها، ويصلى بها الحاج صلاتى المغرب والعشاء جمع تأخير؛ بمعنى أن يؤخر صلاة المغرب حتى دخول وقت العشاء، ويستحب للحاج الإكثار من الدعاء والأذكار، ويتزود الحاج بالحصى، ثم يقضى ليلته فى مزدلفة حتى يصلى الفجر، بعد ذلك يتوجه الحاج إلى منى لرمى جمرة العقبة الكبرى.
يوم عرفة .. "جاءوني شعثا غبرا"
تؤكد الاحاديث النبوية فضل هذا اليوم منها: ما رواه أبو هريرة عن النبى محمد أنه قال: «إن الله يباهى بأهل عرفات أهل السماء، فيقول لهم: انظروا إلى عبادى جاءونى شعثاً غبراً»، وما روته عائشة عن النبى محمد أنه قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهى بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ اشهدوا يا ملائكتى أنى قد غفرت لهم».
وهو يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف: ففى صحيح مسلم عن عائشة عن النبى قال: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهى بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟.
وتبدأ شعائر هذا اليوم بعد أن يصلى الحجاج صلاة الفجر فى منى (التى تبعد 7 كم عن مكة) فينتظرون إلى شروق الشمس، ثم يسلكون بعدها طريقهم إلى عرفة وهم يرددون التلبية (لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك).
ويقضون فيها النهار كله حتى غروب الشمس، حيث يدعون الله ويذكرونه ويبتهلون إليه كثيرا، مقتدين فى ذلك بفعل النبى صلى الله عليه وآله وسلم. ويتخلل اليوم خطبة يلقيها إمام الحجاج ويستمعون إليها عند زوال الشمس (الوقت الذى قبل صلاة الظهر بخمس دقائق - وهو وقت انعدام الظلال) ثم يصلون خلفه الظهر والعصر جمعا وقصرا، بأذان واحد وإقامتين. والسنة أن يصلى الحجاج فى مسجد نمرة.