زاد الاردن الاخباري -
قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، إن فريقا من المديرين التنفيذيين لشركة "L3 Harris" الأمنية الأميركية حاول تحقيق صفقة شراء لمجموعة "NSO" التكنولوجية الإسرائيلية، المعروفة ببرنامجها "سيء السمعة" للتجسس الإلكتروني "بيغاسوس".
وأضافت الصحيفة أن فريق الشركة الأميركية "واجه العوائق" منذ البداية، حيث أن الشركة الإسرائيلية مدرجة على قوائم الحكومة الأميركية السوداء، لأن برنامج بيغاسوس "قد استخدم من قبل حكومات أخرى لاختراق هواتف القادة السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين.
وبيغاسوس هو أداة قرصنة إلكترونية "يمكنها استخراج كل شيء عن بعد" من الهاتف المحمول للهدف الذي يتم اختراقه.
وتقول الصحيفة إن البرنامج يتيح الاطلاع على الرسائل ومعلومات الاتصال والصور ومقاطع الفيديو للهاتف المستهدف دون حتى أن يضطر مستخدمه إلى النقر على رابط أو تحميل ملف ملغوم بفيروس.
كما يمكن للبرنامج أيضا تحويل الهاتف المحمول إلى جهاز تتبع وتسجيل.
ونقلت الصحيفة عن خمسة أشخاص مطلعين على المفاوضات إن فريق "L3 Harris" جلب معه "رسالة مفاجئة" جعلت الصفقة تبدو ممكنة، وقالوا إن مسؤولي الاستخبارات الأميركية دعموا بهدوء خطط الشركة لشراء "NSO"، التي كانت تقنيتها على مر السنين ذات أهمية كبيرة للعديد من وكالات الاستخبارات وإنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية.
ووفقا للصحيفة فقد استمرت المحادثات سرا حتى الشهر الماضي، عندما تسربت أخبار عن بيع محتمل لشركة "NSO"، حيث قال مسؤولون في البيت الأبيض إنهم غاضبون لمعرفة وجود المفاوضات وإن أي محاولة من جانب شركات الدفاع الأميركية لشراء شركة مدرجة في القائمة السوداء ستواجه بمقاومة جادة.
وبعد أيام، أبلغت "L3 Harris"، التي تعتمد بشكل كبير على العقود الحكومية، إدارة بايدن بأنها تراجعت عن خططها لشراء "NSO"، وفقا لثلاثة مسؤولين حكوميين أميركيين، على الرغم من أن العديد من الأشخاص المطلعين على المحادثات قالوا إن هناك محاولات لإحياء المفاوضات.
ولا يسمح للشركات الأميركية بالتعامل مع الشركات المدرجة على القائمة السوداء، تحت طائلة العقوبات.
ونتيجة لذلك، لا تستطيع "NSO" شراء أي تكنولوجيا أميركية للحفاظ على عملياتها، سواء كانت خوادم "Dell" أو التخزين السحابي في "Amazon"، وتأمل الشركة الإسرائيلية في أن يؤدي بيعها إلى شركة في الولايات المتحدة إلى رفع العقوبات.
وتقول الصحيفة إنه خلال المناقشات حول الاستحواذ المحتمل على "NSO"، والتي تضمنت اجتماعا واحدا على الأقل مع أمير إيشل، المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، قال ممثلو "L3 Harris" إنهم تلقوا إذنا من حكومة الولايات المتحدة للتفاوض مع "NSO"، على الرغم من تواجد الشركة على القائمة السوداء الأميركية.
وقال ممثلو "L3 Harris" للإسرائيليين إن وكالات الاستخبارات الأميركية دعمت الاستحواذ طالما تم استيفاء شروط معينة، وفقا لخمسة أشخاص مطلعين على المناقشات.
وأحد هذه الشروط هو إمكانية بيع التقنيات لجميع شركاء الولايات المتحدة في تحالف تبادل المعلومات الاستخباراتية المعروفة بـ "Five Eyes" أو "العيون الخمس".
والشركاء الآخرون هم بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا.
وكان من الممكن أن تكون هذه الخطة خارجة عن المألوف تماما لو تم وضعها في صيغتها النهائية، لأن الدول ضمن تحالف "العيون الخمس" لا تشتري عادة سوى المنتجات الاستخباراتية التي تم تطويرها وتصنيعها داخل تلك البلدان.
وقالت الصحيفة إن مسؤولي وزارة الدفاع الإسرائيلية كانوا منفتحين على هذا الترتيب. ولكن بعد ضغوط شديدة من مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي، رفضوا طلبا آخر، هو أن تسمح الحكومة الإسرائيلية لشركة "NSO" بمشاركة شفرة مصدر الكمبيوتر الخاصة ببرنامج "بيغاسوس"، والتي تسمح لها باستغلال نقاط الضعف في الهواتف التي تستهدفها، مع تحالف "العيون الخمس".
كما أنهم لم يوافقوا، على الأقل ليس في المرحلة الأولى، على السماح لخبراء الإنترنت في "L3 Harris" بالقدوم إلى إسرائيل والانضمام إلى فرق التطوير التابعة لشركة "NSO" في مقر الشركة شمال تل أبيب، وفقا لنيويورك تايمز.
كما أصر ممثلو وزارة الدفاع على أن تحتفظ إسرائيل بسلطتها في منح تراخيص تصدير لمنتجات "NSO"، لكنهم قالوا إنهم على استعداد للتفاوض حول الدول التي يمكنها أن تحصل على برامج التجسس.
وعلى مدار المناقشات، كانت هناك العديد من القضايا التي كانت تتطلب موافقة حكومة الولايات المتحدة. وقال ممثلو "L3 Harris" إنهم ناقشوا القضايا مع المسؤولين الأميركيين، الذين وافقوا من حيث المبدأ، وفقا للأشخاص المطلعين على المناقشات.
وللمساعدة في التفاوض على بيع "NSO"، قالت الصحيفة إن "L3 Harris" عينت محاميا مؤثرا في إسرائيل له علاقات عميقة مع مؤسسة الدفاع الإسرائيلية، هو المحامي، دانيال ريزنر، وهو الرئيس السابق لقسم القانون الدولي في مكتب المدعي العام العسكري الإسرائيلي وعمل مستشارا خاصا لعملية السلام في الشرق الأوسط لرئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو.
وفي الأشهر التي تلت إعلان إدارة بايدن عن القائمة السوداء في نوفمبر، وبينما كانت الحكومة الإسرائيلية تضغط من أجل إيجاد طريقة لمنع "NSO" من التراجع، أرسلت وزارة التجارة في واشنطن قائمة من الأسئلة إلى "NSO" وشركة قرصنة إسرائيلية أخرى تم إدراجها في القائمة السوداء في نفس الوقت، حول كيفية عمل برامج التجسس. وما إذا كانت الشركة لديها أي سيطرة على كيفية استخدام عملائها من الدول الأخرى لأدوات القرصنة.
وتساءلت الوزارة في القائمة، التي اطلعت عليها صحيفة "نيويورك تايمز"، عما إذا كانت "NSO" تحتفظ "بسيطرة إيجابية على منتجاتها" وما إذا كان الأميركيون في الخارج محميين من نشر منتجات "NSO" ضدهم.
وتقول الصحيفة إن هناك أسئلة في واشنطن والعواصم الحليفة الأخرى حول ما إذا كانت أجزاء من الحكومة الأميركية، بعلم من البيت الأبيض أو بدونه، قد انتهزت الفرصة لمحاولة السيطرة على برامج التجسس القوية التابعة لشركة "NSO" ووضعها تحت السلطة الأميركية، على الرغم من موقف الإدارة العلني للغاية ضد الشركة الإسرائيلية.
ورفض متحدثون باسم "L3 Harris" و"NSO" التعليق للصحيفة على المفاوضات بين الشركتين.
كما رفضت متحدثة باسم أفريل هاينز، مديرة المخابرات الوطنية الأميركية، التعليق على إن كان أي من مسؤولي المخابرات الأميركية قد "بارك" المناقشات.
ورفض متحدث باسم وزارة التجارة إعطاء تفاصيل للصحيفة حول أي مناقشات مع "L3 Harris" حول شراء "NSO"، كما لم يقدم متحدث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية أي تعليق لنيويورك تايمز، وكذلك فعلت متحدثة باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وجاء قرار إدارة بايدن بوضع "NSO" على القائمة السوداء لوزارة التجارة بعد سنوات من الكشف عن كيفية استخدام الحكومات لبرنامج "بيغاسوس"، أداة القرصنة الرئيسية في "NSO"، كأداة للمراقبة المحلية.
لكن الصحيفة تقول إن الولايات المتحدة نفسها اشترت أيضا برنامج بيغاسوس واختبرته ونشرته.
وفي يناير، كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن مكتب التحقيقات الفيدرالي اشترى برنامج بيغاسوس في عام 2019، وأن المحامين الحكوميين في مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل ناقشوا ما إذا كانوا سينشرون برامج التجسس لاستخدامها في تحقيقات إنفاذ القانون المحلية.
وذكرت "نيويورك تايمز" أيضا أنه في عام 2018 اشترت وكالة المخابرات المركزية برنامج "بيغاسوس" لحكومة جيبوتي للقيام بعمليات مكافحة الإرهاب، على الرغم من سجل ذلك البلد في تعذيب شخصيات المعارضة السياسية وسجن الصحفيين.