زاد الاردن الاخباري -
تُصادف هذه الأيام الذكرى الـ50 لاغتيال الروائي والصحفي الفلسطيني، غسان كنفاني الذي كان قلمه هدفا ملحا للاحتلال الإسرائيلي، الذي استغل عملاءه لتفخيخ سيارة كنفاني في العاصمة اللبنانية بيروت وتفجيرها في 8 تموز/ يوليو من عام 1972.
ولد غسان في عكا في التاسع من نيسان/ أبريل من عام 1936، وعاش هو وعائلته في يافا حتى عام 1948، حيث أُجبر وعائلته على النزوح، ليبدأ رحلة اللجوء في سن الثانية عشرة.
التحق غسان بمدرسة الفرير بيافا، وكان مثار حسد لأنه يدرس الفرنسية زيادة عن غيره، كانت أسرته تعيش في حي المنشية بيافا وهو حي ملاصق لتل أبيب، وقد شهد أولى حوادث الاحتكاك بين العرب واليهود التي بدأت هناك إثر قرار تقسيم فلسطين، ما جعل الوالد يعود بهم إلى عكا.
وفي أواخر نيسان/ أبريل 1948، اتجهت العائلة إلى لبنان، نتيجة الهجوم المتكرر من العصابات الصهيونية على المدينة، قبل التحول إلى سوريا لاحقا، حيث نال كنفاني شهادة الثانوية من مدارس دمشق عام 1952، ودخل قسم اللغة العربية في جامعتها، لكنه استمر لعامين فقط.
وانضم كنفاني إلى حركة القوميين العرب عام 1953 تحت تأثير جورج حبش. وسافر للتدريس في الكويت عام 1955، وهناك كان إقباله على القراءة منقطع النظير. وعمل محررًا في إحدى صحفها، مذيلًا مقالاته باسم “أبو العز”، وقد لفتت الأنظار كثيرا. وفي الكويت أيضًا كتب أول قصصه القصيرة "القميص المسروق" وعنها نال الجائزة الأولى في إحدى المسابقات الأدبية.
وفي الأثناء، سافر كنفاني إلى يوغسلافيا لحضور مؤتمر طلابي، ومن بين المشاركين كان هناك وفد دنماركي ضم معلمة تأثرت بالقضية الفلسطينية وسافرت إلى البلاد العربية.
وفي بيروت طُلب منها مقابلة كنفاني، وبعد عشرة أيام على لقائهما، طلب الزواج منها، وتم له ذلك بتاريخ 19 تشرين الأول/ أكتوبر 1961. وأنجبا طفلين هما فائز وليلى.
ورغم زواجه، فقد وقع كنفاني في حب الكاتبة والأديبة السورية غادة السمان، وكتب لها وكتبت له رسائل سطرت آيات في سفر العاشقين. وقد التقاها في عدة مناسبات أدبية في عددٍ من الدول العربية. أما من حيث ديانة غسان كنفاني ومعتقداته وطائفته الأصلية، فقد ولد لعائلة مسلمة.
سياسيًا، كان كنفاني هو الناطق الرسمي وعضو المكتب السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، حيث وصل به الشغف بالكتابة إلى حد تأسيس مجلة ناطقة باسم المنظمة حملت اسم "مجلة الهدف". كما أنه عمل في مجلة "الحرية" اللبنانية. وشغل رئاسة تحرير مجلة "المحرر" اللبنانية أيضًا.
ساهم غسان في وضع الاستراتيجية السياسية والبيان التأسيسي لجبهة التحرير، مؤكدا أهمية العمل الفدائي والكفاح المسلح، وكان دوره السياسي أساسيا في الجبهة الشعبية على الرغم من أنه لم يكن منضبطا في العمل الحزبي ولم يشارك في الاجتماعات بشكل منتظم.
وفي تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح السبت، 8 تموز/ يوليو من عام 1972، أُعلن عن استشهاد غسان كنفاني بعد انفجار عبوات ناسفة كانت قد وضعت في سيارته تحت منزله في بيروت ما أدى إلى استشهاده مع ابنة شقيقته لميس حسين نجم (17 سنة) وتدمير السيارة وإنزال أضرار كبيرة في المنزل.
ورغم أن الاحتلال الإسرائيلي لم يقدم اعترافاً رسمياً بتنفيذ عملية الاغتيال في ذلك الوقت، فإن جميع أصابع الاتهام تتجه نحوه، باعتبار أن الكاتب الفلسطيني كان في واجهة العمليات التي قادتها جبهة التحرير ضد الاحتلال، باعتباره ناطقا رسميا باسمها، رغم إقامته في لبنان.
وفي يوم تشييعه، غصّت شوارع بيروت بما يزيد على الـ40 ألفا من المشيعين من ضمنهم عدد كبير من المثقفين والقادة السياسيين، في ما وصفها البعض بأنها إحدى أكبر المظاهرات السياسية التي حدثت في العالم العربي.
ورغم حياته القصيرة، فإنه أصدر أكثر من 18 كتابًا، وكتب مئات المقالات والدراسات في الثقافة والسياسة وكفاح الشعب الفلسطيني.
في أعقاب اغتياله تمّت إعادة نشر جميع مؤلفاته بالعربية، في طبعات عديدة. وجمعت رواياته وقصصه القصيرة ومسرحياته ومقالاته ونشرت في أربعة مجلدات.
وتُرجمت معظم أعمال غسان الأدبية إلى 17 لغة ونُشرت في أكثر من 20 بلداً، وتمّ إخراج بعضها في أعمال مسرحية وبرامج إذاعية في بلدان عربية وأجنبية عدة، وتحولت اثنتان من رواياته إلى فيلمين سينمائيين.
ومن أشهر رواياته: "رجال في الشمس" (1963)، و"ما تبقى لكم" (1966)، و"أم سعد" (1969)، و"عائد إلى حيفا" (1970)، و"من قتل ليلى الحايك؟" (1969).
أما مجموعاته القصصية، فهي: "موت سرير رقم 12" (1961)، و"أرض البرتقال الحزين" (1963)، و"عن الرجال والبنادق" (1968).
ومن أشهر الدراسات التي خلفها كنفاني: "أدب المقاومة في فلسطين" (1966)، و"في الأدب الصهيوني" (1967)، و"الأدب الفلسطيني المقاوم" (1968).