الأستاذ الدكتور: رشيد عبّاس - من الحكمة بمكان أن نعرض الخبر ومن ثم نسأل, وخير السؤال ما كشف وستر, وخير ما كشف وستر, ما قل ودل.
الخبر: جاء في تصريح لدولة رئيس الوزراء بشر الخصاونة مؤخراً الآتي: (تراجع ثقة المواطن بالحكومة له عدة أسباب, وقال إن عزوف الأردنيين عن المشاركة السياسية أمر مؤلم، وأكد إن أكثر الأردنيين ومنذ سنوات لديهم أزمات مع الحكومات، ولا تختلف هذه الحكومة عن سابقاتها، لكن تدني ثقة الأردنيين بالحكومة الحالية له عدة أسباب, فهناك تراجع في منسوب الثقة بين المواطن والحكومات المتعاقبة، ولسنا مختلفين عنها, وبيّن دولته أن الحكومة الحالية تأتي بظروف استثنائية لا سابق لها، فهي تعاملت مباشرة مع استحقاقات حالة وبائية لم يشهد العالم مثيلا لها منذ عقود، وبالتالي فإن أزمة كورونا وتبعاتها كانت سببا في تدني ثقة المواطن بالحكومة), أنتهى الخبر.
وعليه وكمواطن أردني يحق لي أن أتوجه هنا بسؤال مُركّب لدولة رئيس الوزراء بشر الخصاونة الذي وبكل أمانة نحترمهُ ونقدّر جهوده المبذولة.. والسؤال المُركّب هو: هل يوجد خطة مصارحة لرفع ثقة المواطن بالحكومة؟ وأن وجدت, أين هي؟
أفهم كغيري من الأردنيين من تصريح دولة رئيس الوزراء الآتي:
أولاً) تراجع ثقة المواطن بالحكومة عملية تراكمية, وهنا نؤكد لدولته أن هذا الطرح صحيح مئة بالمئة ولا يختلف عليه أثنان عقلاء.
ثانياً) تراجع ثقة المواطن بالحكومة له عدة أسباب, وهنا نؤكد أيضاً لدولته أن هذا الطرح منطقي وسليم وليس فيه آية مغالطات تُذكر.
ثالثاً) القول بأن تدني ثقة المواطن بالحكومة الحالية كان بسبب أزمة كورونا, وهنا أختلفُ مع دولته كل الاختلاف.. حيث أن أزمة كورونا وتبعاتها لم تكن هي السبب المباشر في تراجع ثقة المواطن بالحكومة الحالية, إنما السبب المباشر هو مجموعة (إجراءات الحكومة) الحالية خلال أزمة كورونا وتبعاتها, حيثُ أن مجموعة هذه الإجراءات التي قام بها فريق الحكومة قد أضافت مأساة جديدة على مآسي الحكومات السابقة في مجال تراجع ثقة المواطن بالحكومة, والحديث هنا عن مجموعة إجراءات الحكومة الحالية خلال أزمة كورونا وتبعاتها يطول ولا مجال للخوض فيه الآن.
أعتقد جازما أن الحكومات السابقة والحكومة الحالية يا دولة الرئيس كان بمقدورها أن ترفع من منسوب ثقة المواطن بالحكومة مهما كانت الظروف الاقتصادية التي تحيط بالحكومة والمواطن, وذلك من خلال وضع خطة مصارحة, ومن ثم مكاشفة المواطن على:
1) التحديات الحقيقية التي تواجه الحكومة.
2) الإمكانات المتوافرة لمواجهة التحديات الحقيقية.
3) ما تريد الحكومة عمله لمواجهة التحديات الحقيقية في ضوء الإمكانات المتوافرة.
وأعتقد أيضاً يا دولة الرئيس أن الحكومات السابقة والحكومة الحالية كانت وما زالت متعثرة في مصارحة المواطن في النقاط الثلاث سابقة الذكر, وأسمح لي يا دولة الرئيس أن أذكركم أن معادلة بناء الثقة بين المواطن والحكومة تقوم على (مصارحة المواطن) ليس إلا, وأن تجارب كثير من الدول التي رفعت من منسوب ثقة المواطن بالحكومة كانت فقط بخطط بسيطة مبنية على مصارحة المواطن بالتحديات الحقيقية التي تواجه الحكومة, وبالإمكانات المتوافرة لمواجهة التحديات الحقيقية, وما تريد الحكومة عمله لمواجهة التحديات الحقيقية في ضوء الإمكانات المتوافرة.
وأسمح لي يا دولة الرئيس هنا أن أقول لدولتكم أن السؤال المُركّب: هل يوجد خطة مصارحة لرفع ثقة المواطن بالحكومة؟ وأن وجدت, أين هي؟ ما زال عالقاً, كيف لا والثقة بين المواطن والحكومة تحتاج إلى لغة بسيطة اسمها لغة المصارحة, وهذه اللغة هي أجمل ما تكون في لحظة الاختلاف تلك التي أخفتها المجاملات, نعم هذه اللغة أشار اليها جلالة الملك عبد الله في مجموعة أوراقه النقاشية تحت عنوان المكاشفة والشفافية.
لا شك يا دولة الرئيس أن إنجازاتكم ماثلة أمامنا ونشهد لكم بها, لكن تلك الانجازات تضيع في لحظة انعدام الثقة بينكم وبين المواطن, صدقني يا دولة الرئيس أن هناك من المواطنين لم تنعدم ثقتهم بالحكومة بعد.. ويكمن إنقاذهم.