المهندس مدحت الخطيب
قال الأصمعي كنت أزور رجلاً لكرمه فأتيته بعد مدة فوجدته قد أغلق باب بيته فأخذت رقعة وكتبت فيها
إذا كان الكريمُ له حجابٌ
فما فضلُ الكريمِ على اللئيمِ
وبعثت بها إليه ووقفت أنتظر الجواب فعادت وعلى ظهرها مكتوب
إذا كان الكريمُ قليلَ مالٍ
تستّر بالحُجّابِ عن الغريمِ
ومع الرقعة صرة فيها خمسمائة دينار فقلت والله لأتحفنّ أمير المؤمنين المأمون بهذه الحكاية
فذهبت إليه وقصصت عليه القصة ووضعت الرقعة والصرة بين يديه» فتأمل الصرة وقال
يا أصمعي هذه الصرة بختم بيت المال فأحضر الرجل الذي دفعها إليك
فقلت الله الله يا أمير المؤمنين الرجل قد أولاني خيراً
قال لابد منه
فقلت غير مروع؟
قال غير مروع
فعرّفته مكانه فبعث إليه فحضر
فنظر إليه أمير المؤمنين
ثم قال له ألست أنت الرجل الذي وقف بموكبنا بالأمس وشكا إلينا رقة حاله وكثرة عياله؟
قال نعم يا أمير المؤمنين
قال وأمرنا لك بخمسمائة دينار؟
قال نعم وهي هذه يا أمير المؤمنين
قال ولمَ دفعتها للأصمعي على بيت واحد من الشعر؟
قال استحييت من الله أن أردّ قاصدي
إلا كما ردّني بالأمس أمير المؤمنين
قال لله درّك ما أكرم خلقك وأوفر مروءتك ثم أمر له بألف دينار
انتهى العيد وليت الاصمعي بيننا ليشاهد كم فقير طرق ابواب الاغنياء ليسكت بطن أولاده الجياع وعاد بخفي حُنَيِن..
انتهى العيد وكم مسِنّ في دور الرعاية كان ينتظر قدوم احد أفراد أسرته ليشعر ولو لمرّة واحدة في العمر بأنهُ في المكان الخطأ وان له وجودا في هذه الحياة !!!
انتهى العيد وما فائدة العطور والثياب والحلويات الفاخرة ومن حولنا جياع لا يجدون قوت يومهم !!!
انتهى العيد وقصص الفاسدين تنتشر وروائح الفساد، تزكم المجالس نتانتها ...
انتهى العيد وحال المجتمع كما قال ابن خلدون في مقدمته المعروفة: « إذا رأيت الناس تُكثر الكلام المضحك وقت الكوارث فأعلم أن الفقر قد أقبع عليهم، وما حادثة انقلاب التنك) على جسر المدينة الرياضية منا ببعيد وحجم ( السخرية التي شاهدنا حتى تحول الأمر إلى تريند تتناقله المواقع في كل مكان
انتهى العيد والكثير منا يردد قول المتنبي في هجاء كافور الإخشيدي أثناء تهيؤه للهرب من مصر عِيدٌ بِأَيَّةِ حَالٍ عُدْتَ يَا عِيدُ؟؟