مهدي مبارك عبد الله - صاحبة السمو الملكي الاميرة المحبوبة غيداء طلال شخصية نسوية ديناميكية فاعلة وجاذبة ذات قيمه وقامه ومثال يحتذى به في حب الوطن والإخلاص في العمل عرفت بلين الجانب وحسن الكلام ودماثة الأخلاق والتفكير المستقبلي الخلاق والثقافة العالية وسعة الاطلاع في مختلف المعارف والمجالات حيث كان لها صولات وجولات وبصمات خيرة لا تنسى في قطاعات التعليم والاعلام والصحافة والسياسة قبل استقرارها في الاردن بعد زواجها من سمو الامير طلال بن محمد المستشار الخاص لجلالة الملك عام 1991
بصبرها العظيم وعملها الدؤوب وتشاركيتها الواعدة أضاءت بيدها الكريمة شموع الأمل والحنان في بيوت كثير من المبتلين البسطاء من خلال اهتمامها الوافر وتصديها القوي لمحاربة أشرس وأعتى الامراض الخبيثة التي تفتك بحياة ملايين من البشر بلا رحمة ولا هوادة
وجهها الصبوح لا يعرف العبوس ومحياها البهي لا تغادره البسمة وقلبها الكبير عامر بالأيمان والثقة والاطمئنان زرعت بتواضعها الجم ( تواضع الأميرات ) وانسانيتها الفريدة وخصالها الحميدة في وعي ووجدان وذاكرة الاردنيين أطياف من الوجد والود والتقدير حيث أصبحت عندهم الرمز والقدوة للخير والتواضع بعدما ابهرت أنظارهم وحازت على اهتمامهم واحترامهم ومحبتهم بما وصلت اليه من إنجازات متميزة في التطوير والتنمية والإدارة والسجل المهني الناصع البياض
الاميرة السوسنة غيداء طلال استطاعت بعفويتها ولطفها وعطفها وسجياها الإنسانية السمحة وروحها العربية الاصيلة ولبنانيتها الراقية ان تتجاوز كل حدود التكلف والاصطناع حيث لهجت بالدعاء لها ألسنة لا حصر لها وسيجتها بالمحبة قلوب لا تعرف الا الوفاء وهم يستذكرون يدها الكريمة التي انتشلتهم من أنياب الخوف المرعب والمرض القاسي حتى باتوا يضعون صورها الجميلة وهي بينهم وهي تحاول ما استطاعت ان تخفف من الامهم ومعاناتهم الى جانب اسرتهم وفي بيوتهم وحنايا قلوبهم وضمائرهم
وقد توجت الاميرة غيداء سفيرة للإنسانية واعتبرت القمة الشاهقة في التواضع والعلامة الفارقة في العطاء والمدرسة المفضلة في الشهامة والمروءة لم تنتظر يوما لتسمع أنات المرضى المرهقين من بعيد بل كانت دائما تذهب إليهم وتقف الى جانبهم وتتحسس بيدها الحانية معاناتهم وتواسيهم وتضمد جراحهم وتضيء زوايا العتمة في نفوسهم وأسرهم
ما ميزها عن غيرها من النساء تلك الملامح الإنسانية الجارفة التي تحمل في طياتها كل المعاني النبيلة المغلفة بوطنية صافية لا يشق لها غبار كأيقونة ورمز من رموز العمل المجتمعي ونموذج للمرأة الأردنية التي تقدم لشعبها ووطنها وللعالم أجمع كل أنواع البذل والتضحية والعطاء من أجل تخفيف آلام الناس والحد من معاناتهم وتعزيز البيئة النفسية والمعنوية الداعمة لحياتهم
هذه الاميرة المعطاءة الرائدة لا تعرف الكلل في العمل والخدمة وهي على الدوام مدهشة في حضورها غير العادي بحيث تجعل القلم يتدفق حراً دون حواجز وينساب طواعية بسلاسة يتخطى كل الموانع والمعيقات لأنها ومع مكانتها الرفيعة لا تحتاج مني لتوصيف أو تعريف فقد عرفها الناس في أكثر من مكان بلا منازع مما جعلتها تستحق بجدارة لقب اميرة الخير والأمل خاصة بعدما استطاعت ان تقلب موازين المرض الفتاك لتثبت للعالم انه غير مخيف او مميت غالبا لتعيد بهذه الرؤيا المتفائلة الابتسامة والسرور والفرح لكثير من الناس خاصة الأطفال الابرياء
ما اكتبه بحق الاميرة غيداء ليست مجرد كلمات او مفردات أنثرها اعتباطا او صفات وخصال أطلقها جزافاً بل هي جزء من ضئيل حقيقة عميقة وصادقة ومعروفة لدى كل من يتابع نشاطاتها وأعمالها وابداعاتها وحسن تعاملها وصفاء قلبها ومآثرها وفضائلها النبيلة وحبها لخدمة الناس بغض النظر عن جنسهم ومكانتهم وحسبهم ونسبهم فهي بحق باتت تمثل معدن النبل الأصيل ومصدر الخير الوفير وصاحبة القلب الكبير الذي يتسع الجميع حيث تشعر بمعاناة الضعفاء وتغيث الملهوفين وتساعد أصحاب الحاجات وتجبر خواطرهم وتدخل السرور عليهم أينما دون أي بحث عن الأضواء او استعراض او ضجيج متجاوزة في كثير من الأحيان كل البروتكولات والتعقيدات والرسميات
منذ توليها امانة المسؤولية رئيسا لهيئة أمناء مؤسسة ومركز الحسين للسرطان أخذ على عاتقها عبر مساهماتها المحلية والدولية الفاعلة والمجبولة بنزعة العمل ونكران الذات والبناء والعطاء التي تربت عليها حيث كرست جهدها المضني ووقتها الوفير وفكرها النير وامكاناتها المتواضعة وعلاقاتها الممتدة لخدمة مسيرة وتطوير المؤسسة والمركز وها هي تسطر اليوم اروع الأمثلة في الدفاع عن مرضى السرطان وتقف محامية تترافع عنهم تطالب بصوت مرتفع بحمايتهم وتقديم أفضل الرعاية الصحية لهم
الأميرة غيداء دخلت عالم الكفاح ضد السرطان بالصدفة البحتة بعد تجربة شخصية مؤلمة حيث تم تشخيص زوجها سمو الأمير طلال بن محمد بسرطان الغدد الليمفاوية بعد فترة وجيزة من زواجهما وكان عمره 26 عام آنذاك وقد استمرت هذه التجربة معها لمدة عامين إلى أن انتصر الأمير طلال في معركته ضد المرض اللعين حيث تقول الأميرة غيداء حول تلك الفترة ربما كنا محظوظين بتلقي العلاج في أفضل مراكز علاج السرطان في العالم وما أسعى إليه هو أن يتمكن كل مريض في الأردن والعالم العربي من الحصول على العلاج بنفس الكفاءة وأن يعرف الجميع بأن أحباءهم في مركز الحسين للسرطان هم في أيادٍ أمينة ومخلصة ورعاية اخوية مسؤولة باعتباره جوهرة الأردن الطبية والمركز الوحيد المختص بعلاج مرض السرطان للكبار والأطفال على مستوى الشرق الأوسط
في عام 2001 عين جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين الأميرة غيداء رئيسة لهيئة أمناء مؤسسة مركز الحسين للسرطان وخلال عملها في المؤسسة عملت على تأسيس شراكات ووقعت اتفاقيات مع أهم مراكز ومعاهد السرطان في العالم بما في ذلك مركز إم دي أندرسون للسرطان في جامعة تكساس والمعهد الوطني للسرطان التابع لمعهد الصحة الوطنية الأمريكية ومستشفى سانت جود لأبحاث سرطانات الأطفال حتى أصبح المركز صرحا طبيا ومفخرة أردنية علمية متميزة لا مثيل له في عالمنا العربي والمنطقة
مرات عديدة وبروح فياضة صادقة دعت الاميرة غيداء جميع الأفراد والمؤسسات واهل الخير لمد يد العون للمركز ودعم صناديق التبرع التابعة له ( صندوق الخير وصندوق الزكاة ) بعد أن تضاعفت الأعباء التي يتحملونها وضعفت القدرات الكلية في ظل تزايد أعداد المرضى من اللاجئين السوريين وعدد من الدول العربية الأخرى الذين يقصدون المركز لتلقي العلاج بعد انهيار الأنظمة الصحية في بلادهم لأسباب مختلفة
كما عملت كثيرا وطويلا من اجل تحقيق أهداف العلاجية والرسالة الإنسانية للمؤسسة والمركز والمتمثلة في توفير المعدات الحديثة وسبل الرعاية الصحية المتطورة بما يساهم في رفع نسبة الشفاء ومستوى العلاج والرعاية الصحية لمرضى السرطان بالإضافة الى نشر الوعي بالمرض وتشجيع كافة أفراد المجتمع على إجراء الفحوصات الطبية الروتينية بحيث يمكن اكتشاف المرض مبكراً وعلاجه بسهولة للحفاظ على حياة آلاف المواطنين والمقيمين والعديد من أبناء الوطن العربي والعالم ولا زالت مؤسسة الحسين للسرطان تعمل بصورة غير ربحية وهي تمثل منارة الأمل الوحيدة للعديد من المرضى في وطننا العربي ممن لا يجدون خياراً بديلاً أمامهم لتلقّي العلاج
ولدت الأميرة غيداء عام 1963 في بيروت بلبنان لأبوين لبنانيين والدها السيد هاني سلام من أسرة سلام العائلة البارزة سياسياً في لبنان ووالدتها السيدة رجاء عرب وهي الابنة الكبرى بين 4 أبناء وقد أنهت دراستها الجامعية بدرجتي البكالوريوس والماجستير بمرتبة الشرف من كلية العلوم الدولية في جامعة جورجتاون في الولايات المتحدة الأمريكية
بعد زواجها من الأمير طلال كلفها جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه بتأسيس مكتب الإعلام الدولي في الديوان الملكي الهاشمي وعينها مسؤولة صحفية لجلالته وقد بقيت في منصبها هذا حتى عام 1999 كما شغلت خلال مسيرة حياتها العامرة بالعمل والانجاز والعطاء العديد من المواقع المحلية والدولية ونالت الكثير من شهادات التقدير والاوسمة وأشرفت على سلسلة طويلة من المبادرات والحملات والمشاريع التي لا يتسع المقال لذكرها وقد رزقت بثلاثة أبناء هم الأمير حسين بن طلال والتوأم الأميرة رجاء بنت طلال والأمير محمد بن طلال
همها الأكبر في العمل كان السعي لتحقيق التلازم العملي بين الإرادة وإنجاز الاهداف لربط الرسالة الطبية بالإنسانية في مواجهة داء السرطان وصنع ابتسامة الفرح على شفاه المرضى والزوار وكل من يدخل أروقة المركز العريق ضمن كيميائية معنوية إيجابية ومتجانسة وكم كان لافت إصرار سموها واندفاعها وحماسها لدورها ومسؤوليتها النابعة من قناعتها بأن السرطان لم يعد المرض المميت في كل الحالات وان النجاح في مواجهته يشكل تحدياً رئيسياً يؤثر على معدلات البقاء على قيد الحياة مستمدة هذه القناعة الراسخة من تجربتها الخاصة
حظيت الاميرة غيداء مؤخرا على اعجاب الاف المتابعين لصفحتها بموقفها الجريء وهي تشارك الرأي العام في رفض القرار المؤسف الذي اتخذه مجلس النواب بتجريم الانتحار والذي وصفته بانه يدل على عدم وعي بما يعانيه أهلنا في كل بيت فمن يعاني بصمت في حالة نفسية مؤلمة و محبطة من حقه أن نوفر له العلاج النفسي ليتغلب على هذه المعاناة لا معاقبته ولومه كما قالت يجب إعادة النظر بهذا القرار غير الإنساني الذي سيظلم مجتمعنا في الحاضر والمستقبل
خلال عملها رئيسة لهيئة أمناء مؤسسة ومركز الحسين للسرطان عبر السنين الكويلة الماضية اخذت على عاتقها مهمة إنسانية حرصت خلالها على توفير المساهمات المالية في علاج مرضى السرطان للأقل حظا وباي وسيلة لتغطية تكاليف علاج الآلاف منهم عن طريق صناديق الخير رغم ان تلك الصناديق لا تغطي إلا نسبة ضئيلة من تكاليف علاج السرطان الباهظ والمكلف الا انها لا زالت تتواصل الرعاية النفسية الشمولية ومعالجة المرضى حسب المعايير العالمية لاعطائهم فرصة حقيقية للشفاء بإذن الله تعالى
ختاما نتوجه بخالص الشكر والتقدير والعرفان لصاحبة السمو الاميرة غيداء طلال ونقدر ونثمن عاليا ادارتها الحصيفة وتفانيه المطلق في تحقيق الخدمات والرعاية الشاملة لمرضى السرطان والشكر الموصول لجميع أعضاء هيئة الأمناء والرئيس التنفيذي والمدير العام للمركز وكافة الأطباء والممرضين والإداريين والعمال كما ويسرنا ان نعرب عن شكرنا العظيم وامتناننا العميق لأصحاب الايدي الخيرة والنفوس الكبيرة داعمي مؤسسة ومركز الحسين للسرطان الأوفياء في عطائهم وسخائهم عاماً بعد عام ولا يفوتنا ان ندعو كافة المؤسسات الاهلية والتجار والمواطنين المقتدرين في الداخل والخارج للتبرع السخي وتقديم صدقاتهم لصناديق المركز ليستطيع مواصلة عمله الإنساني النبيل ومهمته الشريفة والجليلة
mahdimubarak@gmail.com