مكرم أحمد الطراونة - ما تزال الأمور على صعيد المنجز الأردني غير واضحة، فلم نلمس حتى هذه اللحظة أي تقدم في أي ملف من الملفات المحلية، رغم إطلاق ثلاثة مشاريع إصلاحية لها أبعاد اقتصادية وسياسية أو تلك التي تتعلق بتطوير القطاع العام! التراجع هو السمة الغالبة على كل أعمالنا، وكأننا لم نعد نملك أولئك القادرين على تنفيذ ما نأمله للأردن، فعبث بنا من سيطرت عليهم عقلية “سكن تسلم، فلا داعي للاجتهاد”.
ليست نظرة تشاؤمية، بقدر ما هي واقعية، فالحراك السياسي في البلد، وتحديدا على الصعيد الحزبي، لم يبدأ بالحبو بعد رغم مرور أشهر عديدة على ولادة قوانين إصلاحية ذات طابع تحفيزي، تدفع السياسيين والشباب إلى التسابق من أجل استغلال مثل هذه الفرصة ليكونوا جزءا من صناعة القرار الذي طالما عانينا من أدواته، والأشخاص الذين يقومون عليه. الأصل أن نكون متعطشين لخوض هذه التجربة.
لكن هل هذا يحدث؟ في الواقع لا، فالتحرك لا يتعدى كونه تخبطا تحكمه رغبات ومصالح أشخاص، دون العمل بنضوج، ودون تأسيس برامج قابلة للتصديق، وقابلة للديمومة وجذب الراغبين في الانخراط في الحياة السياسية الجديدة.
أما بخصوص لجنة تطوير القطاع العام، فقد مر نحو 8 أشهر على تشكيلها، وفي كل يوم نطالع خبرا يقول إن توصياتها ستعلن قريبا، في المقابل يبدو أن الحكومة لم تنجح في وضع تصور مثالي؛ حيث تشير المعلومات إلى أن توصيات اللجنة الأولية تحتاج إلى تطوير، إذ إنها بشكلها هذا لن تحقق الهدف المرجو.
ما يزال الأردنيون بانتظار أن يبزغ فجر هذه التوصيات، التي نأمل أن تكون الحكومة قد أعدت أدوات نجاحها.
في اليوم السادس من الشهر الماضي، أطلق جلالة الملك رؤية التحديث الاقتصادي، المنبثقة عن مخرجات ورشة العمل الاقتصادية الوطنية التي عقدت في الديوان الملكي، وبعد مرور أكثر من شهر ونصف عليها، لم نسمع من الحكومة أي شيء بخصوصها، سوى الحديث عن قوانين ستعرض على الدورة الاستثنائية لمجلس النواب التي تنطلق اليوم. ومن أبرزها قانون الاستثمار الذي واجه انتقادات من القطاع الخاص قبل إقراره من قبل الحكومة من منطلق أنه لن يحقق ما نريده، خصوصا في جزئية الإعفاءات الضريبية والجمركية التي بقيت في يد لجنة وزارية، وهذا أخطر ما جاء في القانون!
الهدف الأسمى من الرؤية الاقتصادية، إلى جانب جذب الاستثمارات، هو تحقيق النمو الاقتصادي، وهذا لا يتأتى إلا بخلق بيئة ممكنة له، فالنمو الاقتصادي يحتاج إلى ممكنات مادية، وأخرى تنظيمية، وثالثة تعرف بممكنات سهولة ممارسة الأعمال. سؤالي هنا، ماذا أعددنا؟
سؤالي الآخر هنا، ماذا عن الجدول الزمني الواضح والخطة التنفيذية التي وجه رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة بوضعها لتنفيذ مخرجات وثيقة رؤية التحديث الاقتصادي، وأيضا ماذا عن الوحدة الحكومية الخاصة التي شكلت للغاية ذاتها مع الوزارات والجهات المعنية، ألا يستحق الأمر أن يطلعونا على منجزهم حتى هذه اللحظة؟
“الموت البطيء” عنوان المرحلة، وما أنجز حتى الآن لم يلمس المواطن أثره، والأزمات العالمية تزداد وتشتد وطأتها اقتصاديا وسياسيا، ولم نلحظ أي تحرك محلي لحماية الاقتصاد الأردني، سوى قرارات تمس المواطن، قوامها التسابق نحو رفع الأسعار في متوالية لم تنته حتى الآن.
وهذا أمر طبيعي، كنتيجة لتركيبة حكومية تضم في ثناياها وزراء غائبين، بلا نشاطات ميدانية، ولا إنجازات عملية تذكر لهم، وكأنهم ليسوا موجودين أصلا! فمتى سنكون على قدر المسؤولية؟