فتّحَ عيونه على أصوات و تدافعات من البشر ..تأكّد أول شيء أين هو ؟ فجال في بصره سريعاً في تفاصيل المكان ..إنه بيته ..فهذا (شبشبه) التالف ؛ وهذه (مكتة) سجائره المليئة كالعادة و التي تصرخ من الفيضان ..وهذا (شرشفه) الذي يستخدمه في كلّ موجة حر ؛تفقد الشرشف و تأكد من (الخزوق) التي فيه ..إنه هو ..إذن هو في بيته ..وهذه الأصوات البشرية قادمة إليه بالتأكيد ..نظر إلى ساعة حائطه إنها الواحدة و ثلاثة وعشرون دقيقة ..!
شهر رمضان الذي انتهى قبل ثلاثة أشهر أورثه عادة سيئة ..سهر ما بعد الفجر و صحيان ما قبل أو ما بعد العصر ..ليس وحده يفعل ذلك ..بل زوجته أيضاً ..بل صغاره أيضاً ..بل جيرانه أيضاً ..بل أهل حارته ..بل اكتشف أن البلد كلّها تنام بعد الفجر و تصحو بعد العصر ..!
غسل وجهه على السريع ..لبس ما تيسّر له ..وخرج إلى الجموع البشرية ..كلّهم مستعجلون ..كلّهم يرسمون ابتسامات بأناقة مفرطة ..كلّهم يقولون أنهم بخير و يتذمّرون ..كلّهم «وضعهم زفت» ويحملون موبايلات فخيمة ؛أقلها جالاكسي ..
لو كنتُ صاحب كلمة : لألغيتُ مجانية النوم ..لأنّ البلد بحاجة لانعاش اقتصادي وليس إلى نوم ثقيل لا يجلب إلا خراب البيوت..