احتضنت طهران قمة ضمت روسيا وتركيا .
و الدول الثلاث يجمعها عداء امريكا واوروبا .
و حتى تركيا الضيف ثقيل الدم على الناتو تشاطر روسيا وايران عداء الغرب وامريكا واوروبا .
الاشارات تتولى واحدة تلو الاخرى ، فقمة طهران جاءت متزامنة مع ضبط عقارب الساعة الايرانية والروسية والتركية بعد زيارة الرئيس الامريكي بايدن الى الشرق الاوسط ، وقمة جدة .
وحدة لحلف شرقي قيد الولادة والنمو ضد الغرب ، وتلتقي روسيا وايران وتركيا في مواجهة التحالف الغربي .
روسيا تتخلص من ارث الامبراطورية القيصرية ، وايران من ارث امبراطورية الشاه ، وفيما تركيا مازالت ترنو على اطلال حلم الامبراطورية العثمانية .
قمة طهران جاءت لتقول ان سياسات عزل وفرض العقوبات ضد روسيا وايران فاشلة ، ولاتجني ثمارها في اخضاع وعزل الدولتين ؟
و رسالة التقارب ما بين الدول الثلاث رسالة لكسر طوق العزلة و الحصار المفروض امريكيا واوروبيا على روسيا وايران .
و لربما ان مدى الرسالة ابعد للعالم الغربي ، وان سياسة فرض الحصار والعزلة والعقوبات الامريكية على دول العالم الثالث لن تنجح في قادم الايام ،
و انه لا يمكن لدول ان تعيش في عزلة في ظل محاور لتحالف عالمي جديد .
اوروبا تواجه موجة حر شديد « قيظ» غير مسبوق ، ودرجات حرارة ملتهبة ، وازمة طاقة ، والمانيا اول الدول الاوروبية التي حذرت من انقطاع الغاز الروسي .
من راهنوا على انهيار روسيا ، وان الحصار سوف يسقط بوتين خسروا رهانهم ، وعادوا الى جدولة حساباتهم والنظر الى الحرب الاوكرانية وتوابعها من زوايا اوسع .
العدائية الغربية جعلت موسكو وطهران اشد تقاربا ، ويذهبان الى التوسع في العلاقات الاقتصادية والعسكرية والامنية ، والسياسية .
اتفاقية روسية /ايرانية ب40 مليار دولار لتطوير حقول النفط الايراني ، اول ما انبثق من مخرجات عن قمة طهران .
التقارب الروسي الايراني لا يدخل في تصادم مع الصديق والحليف الصيني ، ومشروع الصين الاستراتيجي طريق حرير .
العالم يتغيير .. وكما يبدو ثمة انقلاب في النظام العالمي ، واعادة نظر في صناعة القرار الكوني ، وتكسير للاحادية والقطبية الامريكية .
روسيا تمضى نحو سياسة اكثر توازن وعدالة وداعمة للتنمية وفي دول العالم الثالث ، وتقاوم الامبرالية الراسمالية وتوحش وجشع المؤسسات الراسمالية الكلاسيكية « البنك الدولي وصندوق النقد الدولي .
اهمية العلاقة الروسية / الايرانية تاتي انها ليست على صعيد اقليمي بل دولي . والعلاقة ما بين البلدين تجاوزت العقبات والاختبارات الصعبة .
تحالف موسكو وطهران يمضى لما هو ابعد في بناء علاقات اقتصادية تكاملية وتشاركية في الطاقة والصناعة والتعاون العسكري ، والتبادل التجاري بالعملة الروسية «الروبل « .
مركزية اوروبا تفككت ، وان مركز العالم هو اوروبا انحرفت عن مسارها ، والعالم يتغير ، واوروبا لم تعد مركزا ، ثروات وطاقة الكرة الارضية ليست موجودة في اوروبا وامريكا .
بوتين واوردوغان يجلسان على طاولة قمة طهران في ضيافة المرشد الاعلى للثورة الايرانية . العلاقة الروسية / التركية تشاركية ، وهناك ملفات وقضايا تتقاطع بها المصالح والعلاقات .
وتركيا بالنسبة لروسيا ليست في خانة الخصومة والعداء رغم انها عضو في حلف الناتو ، وجزء من المنظومة العسكرية والامنية الغربية التي تخوض حربا غير مباشرة ضد روسيا في اوكرانيا ، وتحكم حصارا قاسيا على روسيا .
و هناك مصالح متقاطعة ، وفي حال وقوع خلافات يسعى الرئيسان الروسي والتركي الى تجفيف الزوايا ، وحتى لا تتصاعد الازمات والخلافات وتخرج عن مجال السيطرة وضبط ايقاعها خدمة لمصالح البلدين .
اردوغان لا يشعر بالاترياح ، لو راقبنا سلوكه في الاجتماعات واللقاءات الدولية . سياسة صفر مشاكل التي نهجها وحاول وضع تركيا على سكتها تحولت الى عبء مشاكل ، واخطر ما ان تتخربط الاوراق التركية في ازمات الاقليم وتاثيرها على مصير ارودغان السياسي .
و يسعى اردوغان لاسباب جيوسياسية الى الاقتراب من روسيا وايران ، ويختلى عن حلمه الطوطابي باحياء الخلافة العثمانية ، وتركيا القديمة .
اردوغان يشعر ان رهانات الغرب بدات تسقط وتتعرى ، والتفت بعين تركية استراتجية حذرة ليحجز لنفسه مكانا وموقعا في العالم الجديد .
السياق التاريخي يولد باتجاه الشرق وباتجاه الشمس ، وباتجاه البدايات الحضارية الاولى ، فالشرق هو البدء الانساني والحضاري ، والشرق كان هو المركز الحضاري للكون من حضارات الصين الى الهند وايران ، وروسيا .
وعلى طاولة قمة طهران طرح ارودغان التدخل العسكري في الشمال السوري ضد التنظميات الكردية ..ومن المستعبد والمستحيل ذهاب تركيا نحو الخيار العسكري في الشمال السوري ، وذلك في ضوء الموقف الروسي والايراني الرافض قطعا لاي تدخل عسكري في سورية .