ما زال صدا حادثة اعتداء الناطق باسم الحزب الهندوسي الحاكم بهارتيا جاناتا على جناب رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم مستمرا بعد تصريحات تنضح بالقذارة الفكرية و النجاسة الأخلاقية أطلقها هذا الناطق الناعق بالافتراء و البهتان على مقام رسولنا الكريم كشفت للعالم جزءاً من عنصرية منتسبي هذا الحزب الذي حكم الهند بقبضة حديدية على مسلميها ليسطر سلسلة من أبشع أنواع الجرائم و الفظائع بحق المسلمين الهنود الذين ذاقوا الويلات و المواجع جراء سياسات الحزب الهندوسي الإجرامية.
تصريحات الناطق الناعق الهندوسي قوبلت برفض و استنكار و شجب من قبل عدد كبير من العلماء المسلمين حول العالم, لكن مواقف الحكومات العربية العربية و الإسلامية كانت في مجملها مخزية و لا تتناسب مع فظاعة الجريمة التي ارتكبها هذا الهندوسي الحقير, رغم أن الرد على تلك الجريمة يجب أن يكون مزلزلا و يجب أن يتم القصاص من هذا الحقير النذل و أن يذوق مع جميع أفراد حزبه نكال ما اكتسبوا من اعتداءٍ على مقام خير الأنام و لكن المشتكى إلى الله في تخاذل الحكومات و الأنظمة العربية و الإسلامية في الوقوف أمام فجور دولة الهندوس المجرمة و نسأل العلي القدير عز و جل أن يدمر الهندوس شر تدمير و أن يزلزل الأرض من تحت أقدامهم و أن ينكبهم بأقسى الكوارث الاقتصادية و الاجتماعية و الصحية حتى لا تقوم منهم قائمة .
لكن طرفاً خفياً كان يضحك مسروراً جذلاً بما حدث راضياً عما حصل و كأن هذا الناطق الناعق الهندوسي القذر قد أسدى معروفاً كبيراً له , طرف آخر كان بعيداً متوارياً لم يفطن إليه العرب و المسلمون رغم أنه كان المحرض الرئيسي للجريمة النكراءو قد سبق له فعل نفس التحريض لمجرمين آخرين ارتكبوا ذات الجريمة و انتشى بنفس السرور و الجذل في كل مرة و هو يخفي ابتسامته الصفراء وراء ستار من الصمت المتعمد و الابتعاد عن مسرح الأحداث كالمجرم الذي يحاول طمس آثار الأدلة التي تدل عليه.
كان هذا الطرف يحاول إخفاء نفسه بمهارة و خلسة لم يسبق لها مثيل و لم يستطع أحد أن يكتشف سلسلة جرائمه المتواصلة مما جعله يحس بمدى قوته و جبروته و نفوذه و مكانته في العالم بأكمله بحيث يضمن أن يحرك بأصابعه خيوط اللعبة وقت يشاء و أن يثير الضجة في العالم و في البقعة التي يختارها و لأجل الغرض الذي يريده و بالحيلة التي يشاء لينسج من ذلك كله سلسلة جرائم ينفذها بالنيابة عنه وسطاء و حلفاء يقاسمهم و يشاركونه أمرا واضحاً صريحاً ألا و هو الحقد على الإسلام و الرغبة في تدميره.
هذا الطرف الخفي ليس سوى الكيان الصهيوني مصدر الشر الرئيسي في العالم و موطن الفساد و الفتن بين العباد و منبع المصائب و الكوارث في الكوكب و موقد الحروب و مشعلها الأول حول العالم من أقصاه إلى أقصاه و المبارك الأول لكل جريمة ضد المسلمين و الإسلام في أي بقعة في الأرض و الذي لا زال يضيف يوميا ً إلى سجل جرائمه المزيد و المزيد من الانتهاكات و الإساءة و التحريض ضد الإسلام و المسلمين و نبي الإسلام عليه الصلاة و السلام.
قد يبدو الأمر غريباً على الكثيرين فلا أحد يربط بين اليهود و إجرام الهنود لكن للأسف هذه هي حقيقة مودي و حزبه الذي حالف اليهود و الصهاينة منذ ربع قرن أو يزيد بل و أصبح تحالف اليهود مع هذا الحزب هو كلمة السر التي ضمنت السيطرة هذا الحزب على مقاليد الحكم في الهند منذ منتصف التسعينات و لغاية الآن و كانت أواصر هذا التحالف تمتد لتشمل صفقات أسلحة بمبالغ عملاقة و على مدار سنوات عديدة لتصبح الهند أكبر مشتري للمعدات العسكرية من الكيان الصهيوني، و ليصبح الكيان الصهيوني ثاني أكبر مورد دفاعي للهند بعد روسيا بعدما بلغت قيمة الأعمال العسكرية بين البلدين نحو 9 مليارات دولار منذ عام 1999 م حتى عام 2009 م و قد توسعت العلاقات العسكرية والاستراتيجية بين البلدين حتى شملت تبادل المعلومات الاستخبارية عن الجماعات الإرهابية والتدريب العسكري المشترك بعد زيارة الوزيرين لال كريشنا أدفاني و جاسوانت سينغ للكيان الصهيوني عام 2000م و قد توطدت العلاقة أكثر و أكثر عقب زيارة آرئيل شارون رئيس وزراء الكيان الصهيوني إلى الهند في عام 2003م و الذي استقبله حزب بهاراتيا جاناتا استقبال الأبطال كأول رئيس وزراء للكيان الصهيوني يزور الهند و قد أعربت عدة صحف عن وجهات نظر إيجابية بشأن زيارته، وأعرب رئيس الوزراء الهندي حينها أتال بيهاري فاجبايي عن ثقته بأن زيارة شارون ستمهد الطريق لتوطيد العلاقات الثنائية أكثر و وصف شارون على أنه صديق مهم للهند.
هذه الزيارة كانت مفتاح التحالف الوطيد الذي سعى الكيان الصهيوني من خلاله إلى توجيه ضربات عنصرية مستفزة نحو المسلمين في أكثر من دولة في العالم عبر ذراع التعصب الهندوسي الذي يكن للمسلمين حقداً أعمى فوجد اليهود في ذلك خادماً وسيطاً يقوم بمهمة كانت من الصعوبة بمكان أن يقوم بها الكيان الصهيوني في ظل أجواء انتفاضة الأقصى و ما تبعها من تداعيات مطلع الألفية الجديدة.
ثم كانت ضربة البداية لصعود مودي سياسيا إلى سدة حكم الهند فرغم تعدد منافسيه في الحزب مثل بايرون سينغ شيخاوات و جورج فرناندس و مانموهان سينغ و ضعف موقفه أمامهم فكان الحل و الخيار العقبري بالنسبة له هو أن يضع يده في يد قادة الكيان الصهيوني و يسلمهم رقبته في مقابل تلميع صورته لدى ساسة الهند و أمام الإعلام الهندي عبر الآلة الإعلامية الصهيونية العالمية فقرر أن يزور تل أبيب في أكتوبر عام 2006م.
اعتبر الهنود زيارة مودي لتل أبيب و اجتماعه المطول مع إيهود أولمرت رئيس وزراء الكيان الصهيوني آنذاك حدثاً تاريخيا عزز العلاقات بين الهنود و اليهود باعتبارها خطوة تاريخية إلى الأمام في سبيل تطوير العلاقات بين البلدين و كانت تلك الزيارة بداية التواجد الرسمي الهندي بكثافة في تل أبيب حيث أصبحت هناك علاقة وطيدة بين قادة الكيان الصهيوني و بين أعضاء و مسؤولي حزب بهاراتيا جاناتا و عمل اليهود على دعم نشاطات حزب بهاراتيا جاناتا مالياً و إعلامياً و بشكل واضح ما بين عامي 2006م و 2014م بهدف إيصال الحزب و قائده مودي للانفراد بقيادة الهند .
و في شهر أيار من عام 2014 م تمكن مودي بفضل مساعدات اليهود لحملته الإنتخابية من الوصول لسدة الحكم و الإطاحة بحكومة حزب المؤتمر الهندي ليحصد حزبه بهاراتيا جاناتا معظم مقاعد البرلمان الهندي و باكتساح في معظم الولايات الهندية ليبدأ بهد ذلك مودي في تنفيذ ما سيمليه اليهود عليه كجزء من رد المعروف و الجميل للكيان الصهيوني و قد هنأ رئيس الوزراء الصهيوني آنذاك بنيامين نتنياهو مودي شخصيًا، وذلك بعد فوزه في الانتخابات العامة و قد التقى مودي بدوره بنظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مدينة نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال زيارته للولايات المتحدة في عام 2014م. كان هذا أول اجتماع بين رئيسي وزراء البلدين منذ أكثر من عقد و قد اتفق الاثنان على موضوع أساسي واحد هو أن تنهي الهند دعمها لفلسطين في الأمم المتحدة و أن تبدأ الهند سلسلة من التضييق على مسلمي الهند الذين كانوا مناصرين بشدة للقضية الفلسطينية و في نفس العام هنأ رئيس الوزراء الهندي مودي نظيره الإسرائيلي باللغة العبرية على تويتر بمناسبة عيد حانوكا اليهودي ورد رئيس الوزراء الإسرائيلي عليه باللغة الهندية.
كانت أول المواقف التي كشف فيها مودي ولاءه للكيان الصهيوني تأييده التام لحرب الكيان الصهيوني على غزة في يوليو من عام 2014م و وقوفه بجانب الكيان الصهيوني و دعوته لدعم الكيان الصهيوني و تأييد مواقفه إعلامياً داخل الهند و خارجها مما جعل الهند في غضون سنوات بسيطة أحد أكبر المناصرين للكيان الصهيوني لتنهال أنباء الإتفاقيات المتتالية على الصعيد الاقتصادي و العسكري و الأمني ليبدأ مودي بعد ذلك الشق الآخر من رد الجميل ألا و هو التضييق على مسلمي الهند فضرب بذلك عصفورين بحجر واحد فمن جهة الشعبية في الهند استطاع مودي أن يركب موجة العنف المعادية للمسلمين و التي تزايدت في العقد الأخير بشكل ملحوظ حتى يعزز من شعبيته لدى جماهير حزبه من الهندوس و من جهة أُخرى فقد ضمن مودي استمرار دعم قادة الكيان الصهيوني له.
ومنذ ذلك الحين تطوَّرَت العلاقات الهندية الإسرائيلية بشكلٍ مُطرَد جداً ، خاصةً حين يتعلَّق الأمر بالاتصال بين قادة البلدين، وشراء الأسلحة، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب و قد تكللت تلك العلاقات بصفقات أسلحة كان من أبرزها شراء مودي 250 صاروخ من طراز سبايس-2000 من أنظمة رافائيل الإسرائيلية و هي بالمناسبة ذات الصواريخ التي قصفت بها منازل المدنيين في قطاع غزة من قبل الطيران الصهيوني في عام 2014م لتصبح الهند أحد أكبر مستوردي السلاح من الكيان الصهيوني أما من الناحية الأمنية فقد تطابقت رؤية الهند و الكيان الصهيوني في الحركات الإسلامية كعدو مشترك لهما، مما دفعهما لتبادل المعلومات الأمنية، ومراقبة تحويل الأموال للمنظمات المسلحة، والتعرف على طرق التجنيد المتبعة لديها، وتدريب عناصرها.
رأى مودي الفرصة سانحة لزيادة شعبيته بعد إعطائه الضوء الأخضر من قبل اليهود و حلفائهم للقيام بجولة جديدة من الانتهاكات بحق الأقلية الهندية المسلمة واعتمد مودي في تشبثه بكرسي الحكم على خطاب قومي شعبوي، كاره للأقليات، ليطلق العنان للمتطرّفين والمتعصبين من غلاة الهندوس للقيام بحملات اضطهاد المسلمين والتضييق عليهم باتباع شتى الطرق فبدأت حملات تشويه المسلمين و الاعتداء على مساجدهم ومحلاتهم و التضييق عليهم وكانت هناك زيادة كبيرة في عمليات إعدام دون محاكمة نُفذت في حق المسلمين إضافة إلى التحريض على الإساءة لرموز الدين الإسلامي ليحقق مودي ما كان يصبو إليه قادة الكيان الصهوني من‘ساءة لمقام خير البشر بعدما عجزوا عن القيام بذلك من تلقاء أنفسهم .
فقادة الكيان الصهيوني آثروا على أنفسهم عدم المخاطرة بالإساءة لمقام نبينا محمد صلى الله عليه و سلم علانيةً أمام الإعلام لأنهم يعلمون تمام العلم أن تلك الخطوة إن أقدموا عليها فسيوحدون صف الأمة الإسلامية برمتها برها و فاجرها ضد الكيان الصهيوني و بالتالي فستصبح مصالحه الداخلية و الخارجية بنك أهداف لا نهاية له و ستنهال عليهم الخسائر و الهزائم بشكل تتابعي مطرد ،لذلك فقد كان توجه قادة الكيان الصهيوني لخلق أطراف أخرى تنوب عنهم بهذه الفعلة النكراء عبر تشجيعهم بالمصالح المشتركة تارة و بصفقات السلاح تارةً أُخرى و لتنظروا إلى الدول التي قامت بهذا الفعل الماجن كيف عززت علاقاتها بسرعة ملحوظة مع الكيان الصهيوني بعد كل جريمة نكراء يرتكبونها في حق نبينا صلى الله عليه و سلم فالدنمارك أصبحت من أقوى الدول الاسكندنافية علاقةً بالكيان الصهيوني و زاد حجم التبادل التجاري بينهما لمستويات قياسية بعد فضيحة الرسوم المسيئة في عام 2005 م و كذلك الحال مع فرنسا و التي أصبحت الحليف العالمي الأقوى للكيان الصهيوني بعد أمريكا ليدعم اليهود حملة رئيسها ماكرون- الذي دافع عن نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم- للوصول إلى سدة الحكم فيها بعد أن كانت معظم استطلاعات الرأي تشير إلى أن مستقبله السياسي قد وصل لطريق مسدود و ها هو مودي و حزبه الهندوسي العنصري يسلكون نفس الطريق طمعاً في توثيق عرى العلاقات بين الهند و الكيان الصهيوني و الخوف ما زال قائماً من دخول دول أُخرى على نفس الخط .
نهاية القول هي أن هناك عدواً خفياً واحداً يتربص بالإساءة لمقام النبي الكريم عليه الصلاة و السلام لكنه حذر ماكر يستخدم عملاءً و خدماً من كل ملةٍ و عرقٍ لكي ينالوا وزر جرائمه دوناً عنه و مالم يتحد المسلمون كلهم ضده للقضاء عليه ثأراً لمقام خير البشر صلى الله عليه و سلم و غضبةً له فستظل تلك الجرائم مستمرة مع اختلاف المجرم و أداة الجريمة فيا مسلمي العالم لنجعل شعار المرحلة القادمة "إلا رسول الله يا قتلة أنبياء الله" ليعلم العالم كله أننا اكتشفنا المجرم الحقيقي و أننا سنذيقه من مرارة الكأس التي حاول أن يسقينا إياها و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب سينقلبون.