بقلم : م.مراد الرواشده - - بعد الثوره الصناعيه التي شهدتها أوروبا الغربيه في القرن الثامن عشر تم إحلال المكننه محل العمل اليدوي ،فتنوعت الأبحاث والصناعات على مختلف أنواعها الأمر الذي أدى إلى هجره أهل الريف إلى المدن للعمل في هذه الصناعات ،ولكن للاسف نتيجه الجهل بالتعامل مع الماكينات والآلات أصبحت بيئات العمل تعج بمختلف أنواع المخاطر والتي أدت إلى وقوع العديد من الحوادث والاصابات ،وفي ظل غياب التشريعات والقوانين كان صاحب العمل لا يلتزم بأي مسؤوليه اتجاه القوى العامله من ناحيه تعويضات عن الاصابه أو تكاليف مصاريف العلاج،وحينما زادت الحوادث بشكل مفزع واصبح الكل يتحدث عنها، تم وضع قوانين وتشريعات تلزم اصحاب المصانع بتعويض المصابين عن الحوادث حتى لو كانوا سبباً في حدوثها. وحين أخذ اصحاب المصانع بتحسين ظروف العمل تقبلوا التعويضات التي يدفعونها للمصابين مما قلل من عدد الاصابات، الا أن نسبة الحوادث عادت مرة ثانية للارتفاع بسبب كثرة المواد العضوية والكيميائية مستحدثه الاستخدام.
- عام 1971 تم استحداث وكاله اداره السلامه والصحه المهنيه (OSHA) من قبل الكونجرس الأمريكي وهي وكاله تابعه لوزاره العمل الامريكيه التي وضعت التشريعات والقوانين الصارمة لضمان سلامة وصحة ظروف العمل للعاملين من الرجال والنساء وذلك من خلال توفير المعايير المناسبه وتطبيقها في التدريب والتوعية والتعليم .
- عام 1979 تم استحداث مجلس الامتحانات الوطني للسلامة والصحة المهنية ( NEBOSH) ،وهو مجلس خاص في المملكه المتحده قام بوضع أسس الصحة والسلامة فى بيئة العمل من خلال تقييم المخاطر والتحكم بها، ومراقبه المعدات المرتبطه بالعمل فى بيئة العمل، ومراقبه نظم الصحة والسلامة فى بيئة العمل.
- عام 1998 قامت وزاره العمل الاردنيه بتشريع قانون للجان ومشرفوا السلامه والصحه المهنيه في بيئات العمل ،حيث أجبرت كل منشأة خاصه يتجاوز عدد العاملين بها عن 20 عامل بتوفير مشرف سلامه وصحه مهنيه لمتابعه أمور وإجراءات السلامة داخل المنشأة ،وايضا حددت مهام وواجبات الأطراف المعنيه بامور السلامه من خلال التشريع والتفتيش والتحقيق ،وتوفير بيئه عمل امنه من قبل صاحب العمل ،وايضا التزام العامل بتطبيقها.
- كان الهدف الأساسي من هذه الاهتمامات والتشريعات الدوليه والمحليه هو الحفاظ على العنصر البشري بالدرجه الاولى ،وايضا الحفاظ على المعدات والماكينات والمواد الاوليه والمصنعه وتحسين بيئه العمل ،ولكن للاسف رغب هذا الاهتمام والتكاليف المترتبه عليه إلا أنه ما زالت الحوادث وإصابات العمل موجوده سواء على الصعيد الدولي أو المحلي حيث بينت الاحصائيات العالميه أن إصابات العمل تسبب بوفاة (1.9 مليون )شخص حول العالم سنويا ،وحسب إحصائيات المؤسسه العامه للضمان الإجتماعي بلغ عدد إصابات العمل عام 2019 (12الف ) اصابه عمل ،وسنه 2020 ( 18الف ) اصابه عمل ،وسنه 2021 (16الف ) اصابه عمل (يعني بمعدل من 14-15 الف اصابه سنويا).
- من هنا نستنتج أنه رغم وجود جميع الحلول السابقه إلا أن الحوادث والإصابات ما زالت في تزايد داخل القطاعات الحكوميه والخاصه والسبب هو العمل بالنهج السلامه التفاعلي يعني ( بعد وقوع الحادث والتسبب بالاصابات والوفيات والخسائر نقوم بوضع الخطط والتحسينات ) وهذا يعطي مؤشر أن هناك حلقه مفقوده في مجال السلامه والصحه المهنيه ،ومن خلال الدراسات والابحاث وجد أنه من أهم اساسيات السلامه التي كانت مفقوده منذ الثوره الصناعيه حتى هذه اللحظه هي ( ثقافه السلامه safety culture ) التي من خلالها نعزز مسؤوليه السلامه داخل جميع العاملين في المنشاه ويتم ذلك من خلال 1- تعزيز قيم السلامه والصحه المهنيه داخل المنشآت 2- العمل على النهج الاستباقي أو الابتكاري للكشف عن المخاطر والغاء الاستمرار بالعمل بالنهج التفاعلي 3- تدريب وتوعيه وتثقيف الجميع داخل بيئه العمل بامور السلامه والصحه المهنيه وليس فقط الاكتفاء بمشرفوا السلامه داخل المنشآت 4- فرض مبدأ الثواب والعقاب حتى داخل القطاع الحكومي 5- توجيه وتصحيح السلوك البشري نحو تصرفات عمل أمنه.
-#وفي الختام حمى الله الاردن ارضا وملكا وشعباً وحمى جميع الزملاء العاملين في جميع القطاعات الحكومية والخاصة، ورحم الله اخواننا في حادثه العقبه،وعلينا جميعاً تذكر بأنه ( اي تقصير بامور السلامه والصحه المهنيه يقابله حياه أشخاص ابرياء ).
#اخصائي سلامه وصحه مهنيه
المهندس مراد الرواشده