أوجد المؤتمر الإقليمي «المرأة في الأحزاب السياسية في المنطقة العربية»، الذي يقام في عمّان بتنظيم من اللجنة الوزارية لتمكين المرأة بالشراكة والتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مساحة نقاشية واسعة لحضور المرأة في المشهد السياسي بكافة التفاصيل سواء كان حزبيا أو انتخابيا أو غيرها من مفاصل هامة، لتبدو الصورة بصفتها العامة أن المرأة ما تزال تواجه تحديات في هذا المشهد وربما في العمل العام بصيغة عامة.
ورغم تعدد التجارب بهذا الشأن، إلاّ أن واقع حال حضور المرأة في المشهد العام والسياسي تحديدا ما يزال متواضعا على مستوى اقليمي وعربي، وتكاد تلتقي غالبية التجارب عند ذات النقاط وذات الصعاب، التي تضيف على تواضع جهود المرأة لخوض أي تجارب سياسية في تخصصاتها المتعددة، استبعادها من ثقافة المجتمعات عن اختياراتهم السياسية، مما يقرّب التفاصيل من بعضها البعض في غالبية الدول العربية.
المؤتمر الإقليمي «المرأة في الأحزاب السياسية في المنطقة العربية» شكّل حالة نسائية عربية، وضع قضايا على طاولة البحث من قبل شخصيات قدّمت تجارب وملفات وقضايا بهذا الخصوص، وفي حضورها سياسيا وبالعمل العام، وبدا الأردن من الدول الكثر تقدّما بهذا المجال سيما وأنه انتهج في مساراته الاصلاحية نهجا تشريعيا وتنفيذيا وإجرائيا لصالح المرأة بالكثير من التفاصيل تحديدا فيما يخص الانتخابات والأحزاب.
عدد ضئيل جدا من السيدات من يتمكن من الحضور السياسي، وضاعت النسبة والتناسب بين الرجل والمرأة في غالبية التفاصيل، ليس فقط في الأردن رغم وجود بيئة داعمة لتمكين المرأة وتحقيق حضور لها بشكل كبير وارادة سياسية عليا تدعم هذا الحضور، الأمر الذي بات يحتّم السعي لوجود رؤى عملية لتعزيز هذا الحضور وجعله أكثر عملية، في ظل وجود نماذج نسائية تتمتع بمزايا علمية وخبرات عالية وشهادات عليا، تتطلب سعيا عمليا من قبل المرأة والرجل على حد سواء لإيجاد فرص حقيقية وتغيير منهجيات عمل وثقافة مجتمعات.
المؤتمر أظهر بوضوح أن حضور المرأة يقف خلفه عدة أسباب، حيث أشارت وزيرة الدولة للشؤون القانونية ورئيسة اللجنة الوزارية لتمكين المرأة وفاء بني مصطفى، إلى التحديات التي تواجه المرأة في العمل العام كالتحديات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والتشريعية إضافة إلى تحديات أخرى على مستوى الإعلام، لتضع حقائق أمام جمع السيدات اللاتي يشكلن ناشطات وسياسيات في العمل النسائي، حتى تكون هناك حلول عملية لتجاوز التحديات، وصولا لمشاركات نسائية في الحياة السياسية بشكل أكبر، وبصورة عملية.
كما بدا واضحا من خلال أوراق العمل والكلمات والمشاركات في المؤتمر وجود مشكلة في المرأة نفسها من تواضع حضورها، وذلك في جانبين هامين أولهما ابتعاد النساء، صاحبات الشخصية القيادية والناشطات عن المشهد السياسي، وعدم إقبالهن على خوض غمار أي تجربة به، وثانيهما عدم وقوف المرأة مع المرأة في أي تجربة أيّا كانت بهذا المجال، لتساعدها في الوصول لحضور بالمشهد أو تحقيق حضور في صفّ متقدّم به، وبطبيعة الحال تجاوز هذا الحال يتطلب جهودا نسائية مكثفة لتجاوزها وافساح المجال لنماذج نسائية رغم تميّزها إلاّ أنها تغيب عن المشهد السياسي بشكل كامل، ولم يعرف عنهن شيئا، فلا بد من اتاحة الفرصة لهن من المشاركة في المشهد العام والسياسي، وأن تدخل ماراثونات انتخابية وحزبية ونقابية وغيرها، وحتما الحالة التي أوجدها المؤتمر الإقليمي «المرأة في الأحزاب السياسية في المنطقة العربية»، ستقود لإيجاد شكل مختلفا لواقع المرأة العربية خلال الأيام القادمة.