بعيدا عن الدخول في التفاصيل المهمة لـ( خارطة تحديث القطاع العام ) التي استمع جلالة الملك عبدالله الثاني يوم أمس الى ايجاز حول مخرجاتها ، وما أعلنه رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة يوم أمس خلال مؤتمرصحفي ، وشرحه عدد من الوزراء المعنيين وأعضاء في اللجنة ..فان من المهم جدا قبل الدخول في التفاصيل التي من المتوقع أن يتم تناولها باشباع من قبل كافة وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي في «حوار مفتوح «- توافقا او اختلافا - الا انه لا بد من الاشارة الى الملاحظات العامة التالية :
1- الهدف الرئيس من هذه الخارطة تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين في نهاية الامر كما أكد على ذلك جلالة الملك يوم امس .. وهذا الهدف بالمناسبة هو ما يسعى اليه جلالة الملك ويوجّه اليه دائما جميع الحكومات... وفي مثلث التحديث (السياسي - والاقتصادي - والاداري) هدف جلالة الملك دائما وأبدا تحسين معيشة المواطن وتحسين مستوى الخدمات المقدمة اليه... لذلك في أي نقاش لأية منظومة أو خطة أو برنامج يجب ان تكون» المسطرة « هي : الى أي مدى تتوافق « خارطة تحديث القطاع العام « مع هذا الهدف؟
2-هناك جهد كبير وجبّار وحرفي ومهني مبذول في هذه الخارطة وبرنامج العمل التنفيذي لها ، وهذا الجهد من قبل اللجنة المعنية ترفع له القبعات .. ومن أهم ما يميّز خارطة التحديث:
- التناسق العام للرؤية الشمولية للخارطة مع التفاصيل الواردة في البرنامج التنفيذي.
- مراعاة تفاصيلها لما ورد في « رؤية التحديث الاقتصادي « وكلاهما يرتكزان على»خدمة المواطن».
3- ما يميّز الخارطة ربطها ببرنامج زمني تدريجي وعلى فترات ثلاث تبدأ الأولى من( 2022- 2025) ..وصولا الى العام 2033 ..وهناك تفاصيل «زمنية « محددة تدريجية أيضا في برنامج كل مرحلة.
4- مهم جدا تأكيد رئيس الوزراء على ان «التحديث « لا يعني الاستغناء عن أي موظف - كما كان يتخوف كثير من المترقبين لمخرجات لجنة التحديث ...حتى ولو كانت الخارطة ستتبع لاحقا منهجيات «الثواب والعقاب».
5- الخارطة ستفتح بابا للنقاش - لن يغلق قريبا- وسيكون بمثابة استفتاء مفتوح لكل ما ورد فيها ..وعلى الحكومة ان تبقى مستعدة للاجابة عن كل التساؤلات، والتي بدأت حول تبعات الغاء وزارة العمل..في وقت يرى فيه كثيرون - ومنهم كاتب المقال - ضرورة تفعيل واضافة مهمات أكبر لوزارة العمل - بدلا من الغائها وتوزيع مهماتها على 4 وزارات - لتحقيق هدف الوصول الى (مليون وظيفة ) خلال السنوات العشر المقبلة.
6- كذلك ستفتح الخطة بابا للنقاش حول الغاء ديوان الخدمة المدنية والآليات الجديدة للتعيينات وهي آليات - أتوافق معها تماما حين تعتمد الكفاءة - لأن ذلك سيؤدي بصورة أو بأخرى لتحسين مخرجات التعليم ،ولكن هذا وحتى يكون ناجحا لا بد أن نضمن تراجع «الواسطات والمحسوبيات « في التعيين والتوظيف.
7- من أجل ذلك لا بد من العمل على ما شدّد عليه جلالة الملك يوم أمس من» أهمية الالتزام بتنفيذ هذه الإصلاحات وتحديد النتائج المرجوة منها دون الالتفات إلى المشككين بجدية التحديث «..و ضرورة « أن تقوم الحكومة بشرح أهداف الخارطة للمواطنين ليكونوا شركاء في التنفيذ».
8- خلق قيادات مستقبلية ضرورة ملحّة اذا اردنا نجاح خطط التحديث السياسي والاقتصادي والاداري ، وجميل أن يضع برنامج الخارطة نصب أهدافه خلق 5500 قائد شاب حتى العام 2025 لان خلق قيادات شبابية يتوافق مع منظومات التحديث الاخرى ، لكنّ ذلك يتطلب ايضا شفافية كبرى تزيد من ثقة الشباب الريادي في المشاركة باتباع أسس العدالة والمساواة من أجل تمكين الشباب والمرأة ، بعيدا عن المحسوبيات والواسطة ايضا.
9-الخارطة طموحة جدا - كما منظومة التحديث السياسي ورؤية التحديث الاقتصادي .. وجميعها بحاجة الى :
- فريق عمل وقيادات تنفيذية بمواصفات خاصة .. فهل حانت مرحلة التغيير باكتمال منظومات التحديث الثلاث؟
- فريق متابعة قادر على التنسيق بين كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية المعنية وفق البرنامج الزمني المطلوب.
9- ويبقى السؤال الاهم في خارطة تحديث القطاع العام : ما هي ضمانات أن تكون هذه الخارطة ايضا عابرة للحكومات؟