زاد الاردن الاخباري -
لم تكن الثوره العربيه الكبرى معركة للسيطرة على المقدرات كما هي المعارك التقليديه التى مرت على البشرية كما لم تشكل حربا للاستنزاف والاستحواذ كالتي تسعى اليها الدول الاستعماريه بل كانت ثورة شعبية حقيقية حملت بطياتها قيم ومبادىء ضد الظم والطغيان وشكلت برسالتها ثوره نادت من اجل الاستقلال للحفاظ على الضاد العربيه من سياسة التتريك وذلك بالوقوف امام طغيان بني عثمان للنهوض بالذات العربيه ورسالتها وللحفاظ على عنوانها ومكانتها ولصون الارث العربي الضارب بجذور التاريخ الانساني.
فالثوره العربيه الكبري التى حمل لواءها بني هاشم الاخيار حملت مشروع نهضوي وقيمي يقوم على الوحدة برسالة جامعة وينطلق من ثابت العرق والعقيده واللغه بنهج قويم من اجل استعادة الامه لعظيم مكانتها وذلك بعد ان عمد بني عثمان على فرض سياسيه التهجير القصري والتى عرفت بسياسبه (السفر برلك ) وذلك لتغير الواقع الديمغراغي فى المدينه والمنوره كما فى القدس ودمشق وبغداد والقاهره بهدف تذويب الهويه العربيه وجعلها تكون ضمن خليط من الهويات الاخري لالغاء السمه العربيه عنها.
كما عمل بني عثمان على جلب الشباب العربي والزج بهم فى ميادين حروب الاستنزاف التى كانت تدخلها السلطة العثمانيه دون رعايه او حتى تعويض لذويهم وذلك ضمن برنامج عرف ب (الأخذ عسكر) بدعوه المحافظه على حدود الدوله العثمانيه التى كانت فى اشتباك دائم مع القيصريه الروسيه فى الشمال ومع دول البلقان فى الغرب كما مع الدوله الصفويه فى الخاصره الشرقيه لسلطة الدولة العثمانيه .
هذا اضافة الى دخولها فى مغامرة غير محسوبة النتائج فى الحرب العالميه الاولي عندما تحالفت مع المانيا الهتيريه اضافه الى انحسار كل اشكال التنميه فى المدن العربيه لصالح المدن التركيه وجيوبها الممتده فى عمق الامه التركيه فى اسيا الوسطى وهو ما ادى لمنادة الكل العربي بضرورة التصدي لهذه السياسات لاسيما وان العالم كان يشهد منعطف تاريخي بدخول الحرب العالميه الاولي .
وسرعان ما التف الجميع حول الشريف الحسين بن على شريف مكه من اجل اطلاق شرارة الثوره على حكم بني عثمان احفاد ارطغول وهو الحكم الذى استمر لاكثر من 400 عام وعلى جور سلطان حكمهم الذى جعل من العرب ومن مدنهم تكون فى ادني اهتمامهم لاسيما عندما تناهى للجميع مسالة تمكين اليهود من فلسطين على الرغم من رفض الدوله العثمانيه لذلك لكن وجودها فى الحلف اللماني الخاسر كان يضعها فى المكانه الضعيفه غير قادره للتصدي لهذه العناوين التى تهدد الكيان العربي وحرماته .
فكانت شرارة النهوض واجبة كما كانت الثورة العربية لازمة فالتصدي شرف والانضمام للثورة اصبح فرض واجب تمليه العقيدة كما تفرضه المعطيات السياسيه التي كانت تواكب ذلك التاريخ بقراءات الحرب العالميه الاولى التي لم تحسن قراءتها الدوله العثمانيه فى حينها وكانت استنتاجاتها ناقصه عند سلاطين
بني عثمان ولم يسعفهم الوقت لاتخاذ تدابير سياسية وقرار الاستدراك التى كان من المفترض القيام بها للعودة للمشهد العام .
حتى انهارت الدوله العثمانيه من الداخل على يد كمال اتورك وقامت على انقاضها الدوله التركيه بصيغتها الحاليه وتم التخلي عن العرب وشأنهم بعد ترسيم نفوذ المنتصر بتوقيع معاهدة (سيفر) وهي المعاهدة التى تخلوا فيها الاتراك عن المناطق غير الناطقه بالتركيه وتم تشكيل الجغرافيا السياسيه للاقطار العربيه وضاع الحلم العربي الهاشمي بالوحده وتنتهى مع نهايه الحرب العالميه الاولي الدوله العثمانيه .
فان معركة الثورة العربية الكبري التى لم تنتهي بعد وان كانت قد نجحت فى طرد السلطه العثمانيه لكنها لم تستطع الانتصار بالحرب وتحقيق الحلم الذى يتمثل فى قيام الدوله العربيه الواحده الموحده لتكون نموذج للدولة القادرة للمحافظه على الذات القومي كما هى عاملة على صون مقدراتها وارثها التليد وهي الرسالة التى ستبقى تشكل عقيده الامة ورسالتها والتى يلتف حول راية مجدها الاردنيين ودعاة الحلم العربي بالنهضه والوحدة .
ان رسالة الثوره العربيه الكبرى التى اطلق عنوانها بنى هاشم الاطهار وهي تحمل ارثا تاريخيا تليدا وتعمل ضمن نهجا قويما موصولا من اجل المحافظه على المكانة العربيه بدورها الاصيل ولغتها الحاضنه لهويتها ستبقى تشكل أرضية المحتوى الجامع من اجل تجسيد الحلم العربي بالهويه والمكانة كما وستبقي تعمل من ذلك القوام المنبق من عقيدة الامه من منطلق تمسكها بارثها وثقافتها وهى التى تشكل مهد الحضارات الانسانيه الجامعة وهي الرسالة التى يحملها الاردنيين لحواضن الامه لتكون حاضره فى وجدان كل مؤمن آمن بمبادىء نهجهها وعمل على نصرتها وقام باسنادها بهدف تحقيق عناوين منطلقاتها من اجل النهوض بالامه ورسالتها الماجدة .
من اصداء الثوره كانت الرسالة التى قامت على (النهضة عبر الحرية والوحدة ) وعملت على ترسيخ مفاهيم "المواطنة " فلم تفرق فى نهجهها بين مواطن عربي او المسلم بل شملتهم برعايتها وعنايتها فجميعهم يحمل ذات الثقافه وان اختلفوا فى الاديان او تباينوا فى المذاهب او الاعراق فهم يحملون ذات التوجه والمحتوى الثقافي والمعرفي ويتشاركون فى حمل راية الامة لتحقيق امالها وتوحيد توجهاتها من أجل النهوض بها وتحقيق قوامها وتمكين دورها باستقلال الذات العربيه لايراز اصالة دورها فى قيادة الامه وللمحافظه على محتوها الحضاري تجاة الانسانيه جمعاء.
واما المحتوى الثقافي الاخر الذى قامت عليه رسالة الثورة العربيه الكبرى فلقد تمثل برافعة الوحده التى جمعت بين المنطلق الثقافي الانساني الخاص برسالة الضاد وبما تحويه ثقافه من معاني والهدف الذى تم تحديده في "الهلال الهاشمي" التى استهدفها الجغرافيه السياسية لرسالتها والتى تقوم على الارض العربيه وتعمل على لم الشمل العربي وهو ما بينه علم الثوره العربيه الكبرى الذى جمعت الوانه بين الدولتين الامويه والعباسيه كما باخضر ال البيت والاحمر الهاشمي وهى الالوان التى مازالت تقوم علبها الوان معظم الاقطار العربيه .
واما المحتوى الثالث فانه يقوم على صوت " العداله" وما مثله من وقوف الثورة العربيه ضد سياسية التميز العرقي التى كانت تمارس ضد العرب وعندما عمدوا بني عثمان لاقصاءهم من بيت السلطة المركزي وان كانوا مثلوا العرب فى بيت الحكم فى الاستانه من خلال بني هاشم عبر مطلق الثوره ورسالتها الشريف الحسين بن على وهو صوت العداله الذى اعتبره بني هاشم فى حكمهم اساس الحكم ومشروعيته .
واما المحتوى الرابع وهو محتوى "المشروع " الذى اوصل بين منطلقات الشرعيه التاريخيه والدينيه لبني هاشم مع مشروعيه القبول التى تربط قيم الثوره العربيه الكبرى ورسالتها بالحواضن الشعبية وهو ما جعل من مشروع الثورة العربيه مشروع واصل بين المنطلق والمحتوي واطار جامع يجمع التحرك ويأطره فى اطاره العربي ومحتواه الثقافي .
والاردن الذى يشكل دوحة الرسالة ومركزها شكل نموذج ريادي يمكن تعميمه وتوسيع ظله ومظلته فى اطار النهج الذى تريد الوصول اليه رسالة الثوره العربيه الكبري فى السلم الاهلي والتعايش الثقافي والتنوع الديموغرافي لياتي ذلك كله منسجما مع ما تحتويه رساله الثورة من قيم ومبادىء ومرتكزات كانت حاضره فى الجغرافيا السياسيه للاردن كما فى مؤسساته العسكريه التى حملت عنوان العرب ومؤسساته الامنيه التى عملت للذود عن العرب فى كل منعطف ألم بهم نتيجه متفير سياسي او تهجير قسري طال المنطقه ومجتمعاتها .
حتى اصبح الاردن يشكل فى الوجدان العربي واحة للامن وعنوانا للامان فكان ان شكل الاردن المتحوى العربي بكل الفسيفساء المشكله لمجتمعاته و غلب على طابع المجتمع الاردني الطابع العربي واخذ يكون مثالا للنموذج الجامع للامه فى اطار الدوله التى غدت فى مسيرتها تشكل رسالة امه فى وطن جامع .
ان الرابط التاريخي الذى شكل رابط عضوي يربط الهاشمين بالقدس شكل عنوانا لسياستهم تجاهها كما هى العقيده ان تربط الهاشمين بالعروبه شكلت عنوانا حاضرا للنهج العام الذى تقف عليه الدوله الاردنيه كثابت راسخ وهى المرتكزات التى اخذ يسقط بظلاله بالتعامل المعيشي والسلوك المنهجي للمواطن الاردني.
حتى غدى تعلق المواطن الاردني بالرساله يفوق تعلقه بالجغرافيا السياسيه واصبح المواطن الاردني يشكل نموذجا للتصالح مع الذات الوطني والقومي معا وهو ما عكس على الصوره الاجماليه للدولة الاردنية وهو ما غدا يشكل سمة عند كل الاردنيين تميز تفاعلهم مع القضايا القوميه بكل محتواها وعناوينها فالاردني يتاثر فى الشان العربي بذات الكيفيه التى يتاثر بعا فى الشان المحلي وهى الثقافه التى جعلت من الاردن دوحة المنزل العربي وعنوانه .