زاد الاردن الاخباري -
كتب : الدكتور جواد العناني - رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة رجل عاقل، ولكنه قليل التجربة، ينوي أن يفعل الصواب، ولكن نواياه تجد طريقا إلى المجهول، وقد ثبت هذا بالدليل الواضح من الخطة التي طرحت قبل أيام للإصلاح الإداري.
إذا كان المقصود بالإصلاح الإداري هو تفكيك بعض الوزارات او فك ارتباط بعض المؤسسات، او دمج بعضها، فهذا ما جربناه في الأردن طوال اربعة عقود، رأينا خلالها تراجعا في الأداء، وهبوطا في الإنتاجية، وارتفاعا كبيرا في كلف الحكومة، على دافعي الضرائب.
في كل مرة كانت مقترحات الفكفكة وإعادة التركيب تأتي من أناس غير موضوعيين، او أن الموضوع لم يدرس بعمق، وذلك لأن الحكومات ومنها هذه الحكومة، لم تقدم لنا ولا سببا واحدا مقنعا بأن اجراءاتها الإدارية مبررة، أو شرحوا لنا كيف تخدم هذه الترتيبات الاداء الحكومي، أو كيف تنسجم هذه المقترحات غير الفذة مع رؤية “2033” وتساهم في انجازها.
كان يجب أن ينصب الإصلاح الإداري على معالجة الخلل في الطاقة الاستيعابية والمعرفية للدوائر والموظفين، وكيف تطور ادائهم وقدرتهم على خدمة الناس وتطوير سلوكهم، ومنع الفاسدين منهم عن تناول قضايا الناس، وتشجيع المتميز منهم.
كان يجب أن ينصب الإصلاح على تحديد الأهداف الاستراتيجية الأساسية للرؤية الاقتصادية، وبناء المنظومات الإدارية القادرة على تحقيق تلك الاهداف وانجازها.
وكان علينا ان نتبنى استراتيجية الإصلاح الإداري بحسن اختيار أفضل لمن يعملون في العمل العام، ووضع شروط لمن يستحقون الترقية، ووضع مواصفات واضحة لمن يتولون المناصب الإدارية في الدوائر والوزارات الحكومية.
كان علينا أن نضمن عمل المؤسسات والوزارات والدوائر ذات العلاقة بطريقة تعظم طاقتها، لا تنهك قواها وتبدد انسجامها، وتتحول إلى صوامع متفرقة، لا علاقة لها ببعضها البعض مما يخلق ازدواجية في العمل ونكدا ليس له حدود على المواطنين افرادا ومؤسسات.
كل هذا نسيناه واستبدلناه بما يلي:
الغاء وزارة العمل، وتوزيع اشلائها على دوائر وزارات لا تعزز قيمة الانجاز، بل تخلق فريدا من التناقض، وأي عاقل هذا الذي يلغي وزارة العمل بات من المهم جدا فيه تنظيم العلاقة بين أصحاب العمل والعمال، وبدلا من تقوية الوزارة التي تحولت من دائرة في وزارة الشؤون الاجتماعية إلى وزارة عام 1976، جئنا اليوم لنلغيها، وهو امر لا يوجد مثيل له في العالم، وأي دولة ليس فيها وزارة عمل؟؟
ارسلنا التدريب إلى وزارة أسميناها بدلا من وزارة التربية والتعليم إلى وزارة التعليم والموارد البشرية، وكأن هذه الوزارة ستقوم بدور المنظم للطلب على الأيدي العاملة والمعروض منها، وماذا سيحص للطلاب الذين يتركون المدارس؟، أو من يكتفون بمرحلة التعليم الإلزامي؟، والراسبين في امتحان الثانوية العامة هل ستقوم الوزارة هذه بتدريبهم واعدادهم بما يتفق مع سياسات التربية؟، وماذا ستكون نتائج هذا العبء الاضافي على اداء وزارة التربية والتعليم، والتي كنا نطمع أن تحسن مستوى التعليم الاكاديمي وتنتج متعلمين يعرفون الرياضيات والعلوم بشكل أفضل وأقوى.
وقمنا بنقل الضمان الاجتماعي ليكون تحت اشراف وزارة الصناعة والتجارة، وأي قرار يمكن أن يكون اسوأ من هذا القرار؟، نعطي حقوق العمال كي يشرف عليها الوزير المسؤول عن رجال الأعمال..
الأجدى كان أن نلغي وزارة الصناعة والتجارة والتموين، والتي تعاني من تناقض أدوارها بين الصناعة والتجارة والتموين، الاجدى أن نخلق وزارة صناعة وطاقة، وأن ننقل وزارة التموين إلى الزراعة، وأن تتحول وزارة التجارة إلى وزارة مستقلة.
وقمنا بنقل تصاريح العمل التي يجب ألا تعطى إلى وزارة الداخلية.. يجب أن تبقى التصاريح محصورة على حاجات البلد، أما بنقلها إلى الداخلية فقد عمقنا المفهوم أن قضية تصاريح العمال هي قضية أمنية فقط، وليس لها علاقة بحاجات البلد والقطاعات المختلفة للعمالة غير الأردنية.
وقد استمعت إلى أحد الوزراء يشرح على احدى قنوات المملكة أن سبب دمج الاشغال بالنقل لأن الأولى مسؤولة عن بناء الطرق، والنقل مسؤولة عن النقل على الطرق، ولذلك يمكن دمج الوزارتين.. وزارة النقل ليست حكرا على الطرق فحسب، بل هي مسؤولة عن المطارات والطيران، وعن النقل البحري والموانئ البحرية، والمناطق اللوجستية، ونقل البضائع بما فيها مستقبلا يجعل الأردن جزءا مهما من سلسلة التزويد العالمي، فكيف ستقوم الوزارة الجديدة بكل هذه المهام التي يدعو اليها جلالة الملك المعظم؟
وهل وزارة الاشغال مسؤولة فقط عن بناء الطرق على أهمية هذا الموضوع؟، أم أنها مسؤولة عن صيانة الطرق، وبناء مشروعات البنى التحتية من عبارات وجسور ومبان حكومية من مدارس ومستشفيات ووضع مواصفات البناء ولااشراف على كود البناء وتطبيقه، هل تعتقدون أن وزارة الاشغال تقوم بهذه المهام. فكيف إذا دمجت مع وزارة اخرى؟
هذا غيض من فيض، وخطة الإصلاح الإداري تثير مخاوف الموظفين، وقلقهم على مستقبلهم، والخطة كلها قرار حكومي يمكن عكسه من حكومة اخرى..
ما قرأناه لا يسر، بل زادني شخصيا خوفا من خوف على مستقبل عملية الاصلاح برمتها إذا كان أحد اركانها، وهو الاصلاح الاداري، يعالج بهذه الطريقة العشوائية.
الرجاء أن توقفوا هذه الدعابة، وأن تعيدوا النظر فيما أنتم قادمون عليه.