لم أشهد للأردنيين مخاوفاً أكبر من تلك المخاوف التي بدأ الجميع يستشعرها الآن حول هويتهم الأردنية في وطنهم الأردن
مؤلم ذاك الشعور بالغربة الذي بدأنا نستشعره بوطننا ... نحن من كنا ندندن يوماً "بي بي الغربة الوطن حنونة "
الذي بدأ معه الجميع بالتحسس من أبسط حقوقنا ..
كلمة أنا أردني في بلدنا ...وأصبح قولها يحتاج لتبرير حتى لا ترجم بالإتهامات الجاهزة عنصرية خدش وحدة وطنية الخ الخ ...
تخيلوا لأي درجة وصلنا ... حيث يحق لكل من على هذه الأرض أنا يقول جنسيته إلا نحن نقولها بمبرر ... يحمي فكرنا العروبي الذي يعتبر وسماً لجباه النشامى .
والمتتبع لأسباب هذا الأمر ... عدى عن الوضع الإقتصادي السيء الذي أفقدنا حتى الطبقة الوسطى التي وصفها إبن خلدون بأنها صمام أمان أي مجتمع وتحدث بمقدمته أن أول أسباب توقع إنهيار الدول .. غيابها ..
سيجد أن الأردنيين يفتقدون لملامح تشبههم كما كانت أيام وصفي الذي كان رئيساً للوزراء وفلاحاً يتقن لغة الأرض بأبجديتها زرع .. حصد .. ومصلح إجتماعي يؤمن أن تنظيف السجون أولى من بناء سجون جديدة .. ومدارسنا يأكلها الصدأ .. .. وقد كان ايضاً وصفي مناضلاً بالفكر والسلاح ..
يحمل أيقونة صفات الأردن والأردنيين ... بتواضع يشابه إنحناء السنابل المليئة خير من قمحنا وشموخ يجاري .. تاريخ وطن ... لا ينكره إلا حاقد
ولم يكن وحده حولنا كان محمد حمد الحنيطي بعزم الأردني يتمتم الشهادة وقد إتخذ القرار بنسف حمولته للأسلحة حتى لا تقع بيد الصهاينة بعدما عدوا له الكمين ..
كان حابس المجالي ... حاضراً لينهي بمواقفه أي عنجهة لعدو مختل ... كيف لا وهو أسر شارون ... ولكل بطولة باب .. ولباب الواد بطولات
كانت هذه الوجوه وغيرها يومها منا من ملامحنا .. نزيد بحضورهم صلابة ... تشابة قبضة أيدينا يوم الحصاد على مناجلنا
ماذا حدث .... ؟ ولما هذا الشعور الذي يظاهي شعور أحدهم باليتم وهو في حضن والديه ؟
نعم تطاولت حشائش ما كانت لتنمو لولا سقي ... على قمح البلاد ... وأهدتنا جراداً تلو جراد
بفسادٍ ومحسوبية ... وأيد قذرة ... كدحلان وزمرته .. نواباً وكتاباً ومسؤولين أصحاب قرار أيضا ...
وإعلام بقنوات مشبوهة
بفكرهم المسموم الذي لا يقبله فلسطيني حر ... ولا يمكن لأردني يعلم جيداً أن أخر ما تبقى من رفات أجداده الشهداء قطعة حديدة على ارض فلسطين نُقش شعار الجيش العربي ... أن يسمح لمخططاتهم أن تنفذ ..
كثرة المشاهد الموجعة .... لتصبح خبر عادي
إياكم أن تظنوا أن الأمر مر بشكل عادي ... حين أبصرنا صورة لأردنية بعصابة المجد تنحني للبحث عن لقمة يومها في حاوية ...
حين شاهدنا أردني يجبر على نشر صورة طفله او صورته .. بالوجع يستجدي علاج ...
حين باتت بعض المناصب ببرشوت يقفز عليها كل لقيط لا يُعرف له نسب بينما أصبح طريق المطارق أول خطوات الكفاءة من أبنائنا ... أصحاب الإبداع والشهادة ..
حين يوقف طالب متفوق دراسته لا لعجزٍ ولا لهمة .. بل عدم مقدرة على دفع الرسوم ..
وغيرها من المشاهد التي خدشت معنى الوطن في قلوبنا ... ليصبح كعكة لكم ولصفوتكم ..
وذاك الفساد ينتشر كغرغرينة في اوصال الوطن بغطاءٍ شفاف يشبه شعار الإصلاح ... الذي لم تسبقه إرادة
ووطن اضحى كالرحى يطحن ابنائه قمحاً ليشبع عابر السبيل ..
عروبه يحيى الخوالده