زاد الاردن الاخباري -
جريمة حرب مستمرة ضد الشعب الفلسطيني.. والمعركة الإعلامية تتطلب استراتيجية إعلامية تمتلك المشروعية والمعلومات.
عمّان- اليوم؛ وفي خضم القصف الإسرائيلي على غزة باتت جرائم الاحتلال واضحة للعيان، فلا يكفي الاتهام الرسمي الموجه لإسرائيل بأنها دولة فصل عنصري واضطهاد وتمييز، وهي جرائم يعاقب عليها القانون الدولي، حيث ثبت في أكثر من تقرير صحفي وحقوقي وبالدلائل الملموسة بشاعة جرائم الاحتلال الإسرائيلي في التمييز العنصري والاضطهاد للشعب الفلسطيني وخرقه للقانون الدولي والإنساني.
فلا يكاد يمر يوم لا يرتقي فيه شهداء وشهيدات فلسطينيون من أطفال ونساء ورجال، دون أن يتم معاقبة أي جندي إسرائيلي أو إجراء تحقيق حقيقي لقتله بريئاً أعزلاً على مجرد الشبهة، حيث لا يسلم الصحفيون وحتى العاملون في الإغاثة الإنسانية والمتضامنون الدوليون من الجرائم الإسرائيلية.
وسط كل هذا الصمت الدولي والإعلامي للجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الناس والعزل والعاملين في الصحافة والإعلام، ولمعرفة احتياجات القطاع الإعلامي والصحفي حول القضية محلياً وإقليمياً وفلسطينياً للتصدي للماكينة الإعلامية الصهيونية التي تسعى للتغلغل في المنطقة، أتت الجلسة الحوارية التي نظمها ملتقى النهضة الثقافي العربي في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) بعنوان: "نحو استراتيجية إعلامية من أجل القضية الفلسطينية"، يوم السبت 6 آب/ أغسطس 2022 في فندق حياة عمان، بحضور 40 شخصية صحفية وإعلامية وفكرية وثقافية.
وبين رئيس ملتقى النهضة، باسل الطراونة: "أننا اليوم وفي ظل الظروف التي مرت على القضية الفلسطينية يجب أن نلتفت إلى أهمية وجود استراتيجية إعلامية في ظل الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني بشكل عام والجسم الإعلامي بشكل خاص".
من جهته، قال الخبير في القانون الدولي المحامي، د. أنيس القاسم، إن "الإعلام أداة مهمة للتأثير على الرأي العام"، موضحاً أنه حان الوقت لبناء استراتيجية إعلامية تتعلق بالقضية الفلسطينية، فنحن أمام جيل عربي يتقن صناعة الإعلام على جميع المستويات.
ورأى القاسم أن أفضل استراتيجية لخدمة القضية الفلسطينية ومقارعة الصهيونية والإمبريالية، تتحقق بحشد الرأي العام العربي والدولي وتسليط الضوء على جرائم الاحتلال المعترف بها دولياً ويمكن ملاحقتها قانونيا مثل الأبارتايد وجرائم الحرب المختلفة، لافتاً إلى أنه لم يسبق في السياق العربي أن كان هناك استراتيجية إعلامية، مما يؤكد اليوم حاجتنا لها.
أما الإعلامي والكاتب الصحافي، داوود كتاب، فأكد أهمية أن يكون هناك أرضية فعالة ومضمون حقيقي لبناء استراتيجية إعلامية، مع حاجتنا إلى قاعدة وقوى شعبية وحشد عربي ومحلي ودولي، وتوعية كافة الأجيال و إدخال القضية الفلسطينية في المناهج، إضافة إلى أهمية أن يكون هناك مرجعية معلوماتية يستند عليها جميع المختصين في القضية الفلسطينية، وصولاً إلى وجود فريق إعلامي متخصص لديه كافة المعلومات الضرورية للرد السريع والحديث عن القضية.
فيما اعتبر الإعلامي والأكاديمي، د. زياد الشخانبة، أن "جل التغطية الإعلامية للأحداث الفلسطينية هدفها توصيل المعلومة فقط، وليس لكسب الموقف، وهنا، تأتي حاجتنا إلى وجود استراتيجية إعلامية ضاغطة يكون مدخلها أساساً التوجه إلى الاستفادة من الإعلام الرقمي، فضلاً عن أهمية تخصيص نافذة على الصفحات الرئيسية لكل المواقع والصحف الإخبارية.
وتطرق الشخانبة إلى ضرورة التشبيك بين المواطن الصحفي الفلسطيني ووسائل الإعلام العربية لتوصيل الأحداث، وليس فقط الاعتماد على المراسل الصحفي، إلى جانب تشجيع الكتاب والمفكرين والمؤثرين لحشد المواقف، وصياغة قصص صحافية مؤثرة تعالج مختلف القضايا.
بدورها، بينت المديرية التنفيذية للنهضة العربية (أرض)، سمر محارب، أن من موجبات وجود استراتيجية إعلامية تتعلق بالقضية الفلسطينية خفوت الأصوات المدنية، إضافة إلى ندرة الخبراء في القضية الفلسطينية، وقلة الاستجابة السريعة بما يتعلق بهذه القضية، مؤكدة أن هناك بطئ إعلامي وضعف في التقنيات للاستجابة لمستجدات القضية، مع غياب الحراك النسوي والوعي بين الشباب إزاء كيفية التعامل مع القضية الفلسطينية وتغلغل التطبيع.
وأكد المشاركون ضرورة إعادة إنتاج حقوقي للقضية الفلسطينية من جديد، وتعزيز رواية حق العودة ووحدة الشعب الفلسطيني بين كافة الشعوب العربية، مع أهمية تحديد رؤية مشتركة تجاه المشروع الوطني الفلسطيني، وضرورة ضبط المصطلحات المستخدمة إعلامياً، وأن تكون الأهداف مرنة بما يصب في المحصلة لخدمة القضية الفلسطينية.
وأشاروا إلى ضرورة التأكيد دوماً على القضايا الفلسطينية المشروعة باعتبارها أساس حقوق الشعب الفلسطيني، فضلاً عن تحديد الوسائل والطرق الكفيلة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية والاستفادة من القدرات الفردية، إلى جانب تعزيز التعاون مع الشركاء والجهات المعنية من مؤسسات مجتمع مدني وإعلام ومؤسسات ثقافية وفكرية.
بعد كل هذا الشرح لجرائم الاحتلال الإسرائيلي المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، والتوثيق الدولي لها، فإن المطلوب عربياً وإنسانياً الاستناد إلى التقارير الدولية المحكمة التي تصدرها المنظمات الدولية لإدانة هذا الاحتلال وجرائمه وتعرية ما يرتكبه وسط تواطئ دولي أمام الرأي العام العالمي وأمام باقي المؤسسات الدولية الرسمية وغير الرسمية، والتركيز على فضح هذه الجرائم، وتعزيزها بالقصص والأمثلة المستمدة من الواقع اليومي للفلسطينيين.
في المحصلة؛ فإن الوصول إلى استراتيجية إعلامية تناصر القضية الفلسطينية، عالمياً وعربياً، تعتمد على الوقائع على الأرض وبحوث معرفية غير منحازة وموضوعية ضرورة لفضح جرائم الاحتلال وممارسة المزيد من الضغوط عليها لإنهاء ارتكابها لهذه الجرائم بل ومحاسبتها أمام المحاكم الدولية وفقا للقانون الدولي والإنساني، وهو الأمر الأهم ليس فقط لوقف جرائم الاحتلال وفصله العنصري بل انهاء آخر الاحتلالات البشعة اليوم، وهي مهمة يلتقي عليها كل أحرار العالم.