حقا أننا نعيش مرض الفصام ، وذلك لابتعادنا عن الواقع وهروبنا من أمام الحقيقة ، نحن أمة تعودنا أن تقلب هزائمها الى انتصارات وهمية ، ولا تقبل أن يواجهنا الآخرون بالحقيقة ، وهذا الإسلوب الغوغائي لا زلنا على نهجه ماضين منذ هزيمة 1967 وحتى الآن .
غزه وأهل غزه مرّوا بكوارث وحروب لمرات عديدة ، ويخرج إعلامنا العربي بعد كل حرب ليتحدث عن انتصارات زائفة وهزائم مُني بها العدو الصهيوني .
قبل أيام انتهت الحرب على غزه وسقط خلالها عشرات الشهداء وأضعافهم من الجرحى وتهدمت مئات المنازل ، وبالمقابل لم تخسر اسرائيل شخصا واحدا ، ثم تخرج بعض المواقع الإخبارية العربية وبعض الكتّاب العرب ليشيدوا بانتصار غزه وإرادة أهل غزه وبطولات التنظيمات المسلحة في غزه ، فأي انتصار تتحدثون عنه يا أمة العرب ، بعد أن فقدت أسرة غزاوية معيلها وثلاثة من أبنائها إثر قصف منزلهم وغيرها الكثير الكثير ، ثم يأتي بعد ذلك إتفاق على هدنة لا عودة بعدها الى حرب ، لا أريد أن أطيل فالحرب الأخيرة على غزه كانت عبثية والخاسر الأكبر فيها هم أهل غزه المغلوب على أمرهم .
أقول لكم الحقيقة أنه في كل مرة وبعد كل حرب على غزه تنهال اموال التبرعات على القيادات هناك ، والتي تقوم من جهتها بتحويل هذه الأموال الى حساباتها الخاصة في بنوك قطر وتركيا وغيرها ، والمواطن المسكين في غزه الذي فقد مسكنه لا يجد مَن يعوضه .
خلال إحدى تغطياتي السابقة في غزه ، التقيتُ بأفراد عائلة منكوبة تعيش في العراء بعد هدم منزلهم ، وسألتهم إذا ما كانوا قد حصلوا على مساعدات مادية أو عينية من آلاف الأطنان التي تبرعت بها الدول والأفراد ، فأكدوا لي بأنهم لم يستلموا شيئا مما شاهدوه على شاشات محطات التلفزه .
فيا أمة العرب ويا قيادات المنظمات المسلحة ، أرجوكم ثم أرجوكم أن تتركوا أطفال غزه وأهل غزه ليعيشوا حياتهم ويخرجوا من كوابيسهم المظلمة ، لأن حروبكم لم تعد مجدية ، ولا تجعلوا هذا الشعب المسكين مادة إعلامية للكذب والزيف والخداع ، والله من وراء القصد .