زاد الاردن الاخباري -
أكد خبراء في العمل الشبابي والسياسي، أن الأردن أمام مرحلة هامة على صعيد التحديث السياسي للشباب، وهو ما جاء بمضامين خطاب جلالة الملك عبد لله الثاني بعيد الاستقلال السادس والسبعين، الذي أكد فيه أن الشباب يرسمون معالم الحاضر والمستقبل خاصة بعد إنجاز القوانين والتشريعات الناظمة للحياة السياسية والتي تفتح لهم فرصا للمشاركة في الحياة الحزبية والسياسية.
وقالوا، إن التحديثات والقوانين تهدف إلى تعزيز الحياة الديمقراطية عن طريق تزويد الشباب بالمعارف والمهارات اللازمة لانخراطهم في العمل السياسي والحزبي والعمل العام بشكل بناء وإيجابي، متوقعين زيادة المشاركة الشبابية بالعمل السياسي والحزبي.
وأشاروا إلى أن النصوص التي تضمنها قانون الأحزاب الجديد وخصوصا في المادة الرابعة منه تشكل ضمانة حقيقية للشباب من أجل انخراطهم في الأحزاب السياسية؛ حيث نصت المادة 4 على (أ)- للأردنيين الحق في تأسيس الأحزاب والانتساب إليها وفقا لأحكام الدستور وهذا القانون. (ب)- يمنع التعرض لأي أردني بما في ذلك المساس بحقوقه الدستورية أو القانونية أو مسائلته أو محاسبته، من أي جهة رسمية أو غير رسمية، بسبب انتمائه أو انتماء أي من أقاربه الحزبي. (ج) يمنع التعرض لطلبة مؤسسات التعليم العالي بسبب الانتماء والنشاط الحزبي والسياسي. (د)- يحق لمن وقع عليه تعرض خلافا لأحكام هذه المادة أن يلجأ إلى المحاكم المختصة لرفع التعرض والمطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي.
وقال وزير الشباب الأسبق الدكتور محمد أبو رمان، "هناك نخب من الشباب الناشط في المحافظات المختلفة لديه رغبة شديدة في الانخراط في العمل السياسي والحزبي، يمكن الحديث هنا عن مئات الشباب الأردني ممن يخوضون غمار الحراك الحزبي، ويبحثون عن الخيارات المناسبة لهم"، وتوقع أن يزداد العدد لأن هناك آلاف الشباب الذين تلقوا تدريبات في المجتمع المدني، خلال السنوات الماضية.
وأشار إلى أن المطلوب هو العمل على المجاميع التي فيها شباب خاصة المدن الكبرى، ومحاولة الاشتباك معهم ومعرفة الأسباب والعوامل التي تحول دون انخراطهم، وتشجيعهم وزيادة رغبتهم في العمل السياسي والحزبي.
وعن الوضع الاقتصادي للشباب، قال أبو رمان، إن هناك تأثيرا كبيرا للظروف الاقتصادية وخاصة مشكلة البطالة، على اهتمامات الشباب وأولياتهم، ليس فقط في الأردن وإنما في العالم، وأكثر خصوصية في العالم العربي.
وبين أن أولويات الشباب اليوم ليست سياسية أو الدخول في الأحزاب السياسية، بل الحصول على وظيفة أو فرصة عمل، مثلما لديهم أولويات اقتصادية، مهمة وكبيرة تتعلق بأمور كثيرة وفي الوقت نفسه لديهم متطلبات سياسية ولهم الحق في ممارسة العمل السياسي والعام والحزبي.
ولفت إلى أن المطلوب اليوم في مواجهة التحدي لانخراط الشباب في العمل السياسي والحزبي، هو خطاب من الأحزاب السياسية يكون قادرا على إقناع الشباب بربط مشكلاتهم الاقتصادية بغياب حضورهم في مؤسسات القرار، موضحا أنه كلما كان هناك مشاركة أفضل وأكبر ونوعية أفضل من الشباب ممن يصلون إلى الحكومة وإلى مراكز القرار والبرلمان، كلما ساهم ذلك في فهم أكبر للمشكلات الاقتصادية وأزمات الشباب، وقدرة أكبر على حل هذه المشكلات والأزمات.
من جهته، قال أمين عام وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية الدكتور علي الخوالدة، ستساهم التشريعات التي أقرت مؤخراً ضمن مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في زيادة مشاركة الشباب في الحياة السياسية والحزبية وإقبالهم على الانضمام إلى الأحزاب السياسية أو تأسيس أحزاب جديدة.
وبين الخوالدة، أن قانون الأحزاب الجديد أحتوى نصوصاً تشريعية غير مسبوقة تتعلق بضمان حق المواطن الأردني بالانضمام إلى الأحزاب السياسية وحماية هذا الحق بالإضافة إلى فتح الباب لممارسة العمل الحزبي داخل الجامعات وتوفير الحماية القانونية للعمل الحزبي داخل الجامعات.
وأشار إلى أن التحديث السياسي متلازم مع التحديث الاقتصادي، فمشاركة الشباب الفاعلة في الحياة السياسية وإقبالهم على الانضمام للأحزاب السياسية يعني أن تصبح لدينا أحزاب قوية لديها برامج تتعلق بمجالات الحياة كافة، وستصبح العملية الانتخابية هي عملية تنافس بين البرامج وليس بين الأشخاص مما يعني الدفع بالبرنامج الاقتصادي الأفضل والحائز على ثقة الأغلبية ليكون البرنامج الذي تنفذه الحكومة المشكلة من الأغلبية البرلمانية الحزبية.
وبحسب الخوالدة، فإن جميع التعديلات التي حصلت على قانوني الانتخاب والأحزاب هي تحديثات إيجابية من ناحية إعطاء فرص للنساء والشباب للمشاركة في الحياة السياسية والحزبية بشكل خاص، سواء كان ذلك باشتراطات تشكيل القائمة الحزبية المغلقة في قانون الانتخاب الذي خصص مواقع متقدمة للنساء والشباب في ترتيب القائمة، وكذلك في الاشتراطات التي وردت في قانون الأحزاب حيث اشترطت أن لا يقل نسبة الشباب تحت سن 35 سنة عن 20 % على الأقل من مؤسسي الحزب.
أما فيما يتعلق بالقضايا المعيشية فالتحديث الاقتصادي هو مرتبط ومتلازم مع التحديث السياسي، فالمشاركة السياسية الفاعلية هي المفتاح للوصول إلى حلول لجميع القضايا والتحديات التي تواجه الشباب ومنها التحديات الاقتصادية والمعيشية.
وأضاف، انه لا شك بأن جهود التحديث والتطوير في المجالات السياسية تعتمد في نجاحها على مدى انخراط الشباب فيها وذلك لأن الشباب في العادة وبحكم خصائصهم النمائية هم أكثر فئات المجتمع تقبلا للتغيير والتطوير والأفكار الجديدة وهم أيضا الغالبية من المجتمع الأردني بحيث تصل نسبتهم إلى ما يقارب 65 بالمئة من المجتمع وبالتالي فإن الدور المطلوب منهم كبير.
وقال، تميزت مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية بأنها لم تكن مقتصرة على إقرار تشريعات جديدة للانتخاب والأحزاب والتعديلات الدستورية، بل اتسعت لتشمل توصيات هامة تتعلق بالسياسيات والبرامج الواجب تنفيذها من قبل كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية المعنية وكل حسب اختصاصه، وهي توصيات تصب في عملية رفع الوعي بأهمية المشاركة السياسية والحزبية وتهيئة البيئة الفكرية والثقافية من خلال نشر مفاهيم الديمقراطية والمشاركة السياسية والحزبية.
وعن إعادة الثقة للشباب، قال الخوالدة، إن النصوص التي تضمنها قانون الأحزاب الجديد وخصوصا في المادة الرابعة منه تشكل ضمانة حقيقية للشباب من أجل انخراطهم في الأحزاب السياسية متجاوزين مخاوف الماضي كما أشار لذلك جلالة الملك في خطاب عيد الاستقلال 76 .
وبين بأن وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية منذ تسلمت مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، عملت على رفع الوعي بهذه المخرجات بين فئات الشباب، وهي مستمرة في هذا الجهد الوطني الكبير ولديها برنامج سيتم إطلاقه قريباً للتوسع في عقد اللقاءات التوعوية للشباب الأردني في مختلف مواقعهم خصوصا في الجامعات، إضافة إلى ما تقوم به الوزارة من عملية التنسيق والمتابعة مع جميع الوزارات والمؤسسات المعنية من أجل تنفيذ توصيات اللجنة الملكية وفق خطة تم إعدادها بالشراكة مع المؤسسات المعنية وتعميمها على المؤسسات كافة.
من جهته، قال أمين عام وزارة الشباب الدكتور حسين الجبور، عند الحديث عن المشاركة الشبابية في الحياة السياسية لابد من الحديث عن التوجهات الملكية للحكومات المتعاقبة وكتاب التكليف السامي والخطابات الملكية والأوراق النقاشية الملكية، التي تدعوا دوما إلى تعزيز مشاركة الشباب في الحياة العامة وتمكين الشباب من ممارسة دورهم الفاعل في الحياة السياسية .
من خلال قانوني الأحزاب والانتخاب، فإننا ننظر إلى تعزيز دور الشباب في مواقع صنع القرار توسيع مشاركة الشباب في العمل السياسي، إضافة إلى تمكين الشباب ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وتفعيل دورهم في المجتمعات المحلية.
وقال الجبور، إن وزارة الشباب أولت التمكين السياسي للشباب اهتماما، إذ تعد محاور الشباب والمواطنة الفاعلة، الشباب والمشاركة/ والقيادة الفاعلة/ والشباب والحاكمية الرشيدة وسيادة القانون/ محاور عمل رئيسية في الاستراتيجية الوطنية للشباب 2019-2025 ينبثق من خلال هذه المحاور برامج تدريبية يتم تنفيذها بمديريات الشباب والمراكز الشبابية التابعة لها من خلال الخطة التنفيذية للوزارة.
وأضاف، أن الوزارة لديها برنامج المعهد السياسي لإعداد القيادات الشبابية بشقيه البرلمان الشبابي التدريبي والحكومة الشبابية التدريبية ويمثل المعهد مظلة شبابية وطنية تترجم أفكار وطروحات الشباب في الشأن العام وتفعل دورهم في عملية صنع القرار، من خلال تجسيد نموذج البرلمان والحكومة على أرض الواقع.
وقال الجبور، إن وزارته تنظر اليوم إلى المشاركة الشبابية في الحياة السياسية أنها الوسيلة الأنجع لضمان قدرة الشباب على التعبير عن أولوياتهم وإدماجها ضمن الأولويات المحلية والوطنية والنهوض بواقعهم ومشاركتهم الفاعلة في المجالات المختلفة.
وأشار الجبور، إلى أن التحديث السياسي اليوم هو جزء من منظومة تحديث وطنيّ شامل ومتكامل يشتمل على التحديث والتطوير الاقتصاديّ والإداري والقضائي .
من جهتها، قالت رئيسة لجنة التربية والتعليم في مجلس الأعيان الدكتورة محاسن الجاغوب، إن مشاركة الشباب في الحياة العامة تعكس مدى تقدم المجتمع، ونهضته في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ودورهم ضرورة لإدامة التجربة الديمقراطية، والتنمية السياسية.
وقالت الجاغوب، إن جلالة الملك وولي عهده الأمين دائما يضعان الشباب على سلم الأولويات الوطنية عبر التوجيه الدائم لإيجاد خطط وبرامج تحاكي احتياجات ورغبات الشباب وتطلعاتهم المستقبلية وضرورة إشراكهم في صنع القرار، فتفعيل دور الشباب في النشاط السياسي بمختلف جوانبه، باعتبار الشباب قوة تغيير، مهمة في صناعة القرار .
وأشارت إلى أن الواقع يشير إلى ابتعاد الشباب واستنكافهم عن النشاط السياسي من خلال الأحزاب، وهذا له أسبابه التي قد تكون مرتبطة بالوضع الاقتصادي وترتيب أولويات الشباب، وقد تكون مرتبطة بطبيعة الأحزاب وبرامجها الموجهة للشباب والتي لا تشكل عامل جذب لهم، بسبب تقادمها وعدم مواكبتها لمتطلبات الشباب العصرية واحتياجاتها الراهنة، مؤكدة ضرورة تأمين بيئة مناسبة ومتعددة ومتنوعة ومرنة تضمن مشاركة فاعلة وديمقراطية نشطة.
وقالت الجاغوب، إن تحديث المنظومة السياسية في الأردن والتعديلات الدستورية والقانونية وتعديل قانوني الانتخاب والأحزاب، وأيضا رؤية التحديث الاقتصادي التي تم إطلاقها قبل أشهر معدودة جميعها انتصرت للمرأة والشباب بهدف تمكينهم وتعزيز مشاركتهم السياسية والاقتصادية.
وأضافت، أن "الأردن يمر في مرحلة مهمة، وبعد إنجاز جميع التحديثات السياسية والاقتصادية والإدارية، والان ننطلق لمرحلة التطبيق العملي، لذلك فإن التشاؤم والتشكيك بالإنجازات لم ولن يخدم المرحلة ولا الوطن ولن يساعد في الإصلاح السياسي الحزبي". مشيرة إلى أنه يجب بناء ثقة أفضل بين الشباب والجهات المعنية بإحداث التنمية السياسية، وهذا يتطلب خطوات واضحة وأجندات عمل مستدامة ومنح الشباب حيزا أكبر داخل المؤسسات المختلفة وتعزيز قيم العدالة وتكافؤ الفرص وتعزيز المساءلة وسيادة القانون.
وقالت الأمين الأول لحزب الشعب الديمقراطي الأردني "حشد" عبلة محمود أبو علبة، لا شك أن الدعوات المتواصلة من قبل المؤسسة الرسمية ورأس الدولة لانخراط الشباب في الحياة السياسية، سيكون له الدور المؤثر إيجاباً، ولكن علينا أن لا نتوقع أن تحدث هذه التطورات نقلة نوعية على هذا الصعيد، إذ من المؤكد أن مثل هذه الأمور تأخذ وقتاً طويلا كما يجب أن تتوافر شروط أخرى مشجعه لانخراط الشباب في العمل السياسي.
وقالت أبو علبة، إن الأزمة الاقتصادية تعكس نفسها على فئة الشباب بصورة خاصة بسبب ارتفاع نسب البطالة والفقر، وإذا ما استمر تدهور الأوضاع المعيشية على هذا النحو، فلن يجد الشباب ضالتهم في العمل السياسي وحده.
وأشارت إلى دور الشباب في النقابات المهنية والعمالية، من حيث ضرورة تنظيم انفسهم للدفاع عن حقوقهم المعيشية، فهذه أولوية تسبق أهمية الانخراط في الأحزاب السياسية.
وقالت، إن التحديثات القانونية المتعلقة بتنظيم الحياة السياسية يجب أن تتوفر مجموعة عوامل أخرى معها أهمها: وجود مشاريع اقتصادية إنتاجية تشغيليه تستوعب طاقات الشباب وتخفف من حجم البطالة وتوفر حياة كريمة مستقرة، فالعمل السياسي والحزبي ليس منعزلا عن محيطة الحياتي والمعيشي والاقتصادي.
وبينت بأن دور الشباب يعتمد على الفرص المطروحة أمامهم: فرص المشاركة في القرار الوطني، وفرص المشاركة الاقتصادية ورفع شأن البلاد وتشكيل قوة دفع كبرى للنهوض بالوطن وحمايته من كل أذى.