لن أتحدث من فراغ ولست من هواة التصيَّد لأخطاء الغير هكذا ومن دون دليل، بل أتحدث عن وقائع مسجلة ومنشورة في صحفنا.. وبالتالي فإن ما أسرده يكون من باب الشفافية التي نعتقد أنها المدخل المناسب في مخاطبة المعنيين بالأمر ... بالأمس طالعتنا الصحف بخبر فَحْوَاه أن مجلس التعليم العالي قرر ، الاثنين، تخفيض القبول في جميع التخصصات الراكدة والمشبعة الواردة في تقرير ديوان الخدمة المدنية، وبنسبة (50%) في جميع الجامعات الأردنية الرسمية للعام الجامعي المقبل 2022 / 2023، وبما يتوافق مع معايير الاعتماد الخاص.
ووافق المجلس، في جلسة ، على تنسيب هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها، والمتضمن إيقاف القبول في 42 تخصصاً في الجامعات الأردنية الرسمية للعام الجامعي المقبل 2022 / 2023 نتيجة الإخلال بمعايير الاعتماد الخاص، أو تجاوز الطاقات الاستيعابية.
وهذا يعتبر تراجعاً عن قرار سابق عكس ما كان معمولا به!
ولو كان القرار هو الأول من نوعه، لقلنا ان الجماعة وجدوا أن المصلحة العامة تقتضي ذلك، ولهذا تراجعوا عنه بعد عمل دراسات وإستقصاءات، وبالتالي جاء نتيجة بحث ومعطيات وهذه حالة قد تحدث وليس في الأمر ما يستدعي الإستغراب.. لكن دعونا نستعرض جملة قرارات صدرت في وزارة التعليم العالي .
قرر مجلس التعليم العالي في جلسته التي عقدها مؤخراً إيقاف قبول الطلبة تجسيراً في تخصصات الصيدلة في جميع الجامعات الرسمية والخاصة، وذلك للطلبة الذين سيتم قبولهم في كليات المجتمع على مستوى الدبلوم المتوسط اعتباراً من تاريخ 1/9/2022 وما بعد .
من جهة أخرى قرر مجلس التعليم العالي أيظاً إلغاء عقد إمتحان مستوى اللغة الانجليزية في مراكز اللغات في الجامعات الأردنية الرسمية، والاكتفاء فقط بامتحانات اللغة الانجليزية التي يتم عقدها عالمياً (التوفل IBT، و(IELTS، وذك لأغراض القبول في برامج الدراسات العليا، وفي حال عدم تحقيق العلامة المطلوبة يجب على الطالب المحقق لشروط القبول الأخرى في برامج الدراسات العليا دراسة (6) ساعات كمواد استدراكية في اللغة الانجليزية، والنجاح فيها خلال الفصل الأول لالتحاقه في الجامعة.
ويأتي هذا القرار نتيجةً للملاحظات الواردة لمجلس التعليم العالي، والتي شابت الامتحان الوطني للغة الانجليزية ونتائجه.
كما منح مجلس التعليم العالي في جلسته الأخيرة موافقات مبدئية على الترخيص المبدئي للمرحلة الأولى لاربعة طلبات لإنشاء جامعات خاصة اثنتان منها للدرجة الجامعية الأولى في محافظة عجلون والثانية في مادبا ، والباقي للدراسات العليا أحدهما في محافظة اربد والثانية في عمان من اصل (27) طلب قدمت للمجلس .
كما أوضح عضو لجنة التربية والتعليم والثقافة النيابية المومني، إن دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي لن يحقق الفائدة المرجوة منه.
وأضاف في حديثه لـ"نشرة أخبار رؤيا"، الاثنين، أن الدمج لن يحقق ما تطمح الحكومة له، والمبررات لا تتفق مع سبب الدمج.
وأشار إلى أن كان هناك تسرع في عملية الدمج، وكان يجب دراستها بشكل معمق من ذلك للخروج بالفائدة المرجوة من عملية الدمج.
أكد امين عام وزارة التعليم العالي الدكتور مصطفى العدوان الأنباء التي تداولتها صحف مصرية مساء الأربعاء حول سحب الإعتراف من جامعات مصرية خاصة .
وقال العدوان في حديث لـ "عمون" : نعم تم سحب الإعتراف بعدد من الجامعات المصرية ذات التصنيف العالمي المتدني والتي من بينها كليات طبية .
والمح الى ان سحب الاعتراف سيكون ساري المفعول اعتباراً من العام الدراسي المقبل 2013 ولن يتأثر الطلبة الموجودون حالياً على مقاعد الدراسة . و أن من بين الجامعات المصرية 6 اكتوبر إحدى أهم الجامعات الخاصة التي يدرس فيها طلبة اردنيون خاصة في كلية الطب .
هذا ما اسعفتني الذاكرة به ومن خلال مراجعة الصحف وفي ما يختص بالتعليم العالي ، كل فترة يخرجون بقرارات ثم يستبدلونها أو يلغونها والعالم في حيرة والسؤال: متى يستقرون على قرار واحد؟ ولماذا تخبط مؤسسات التعليم الحكومية في القرارات والإستعجال باتخاذ قرار وبعدها نأتي بنقيضه وهكذا دواليك؟!
الحقيقة الواضحة أن المسألة لا تتوقف عند القرارات الإدارية، بل وصلت إلى إصدار قوانين ثم تعدل عدة مرات، ونحن هنا نتكلم عن التشريعات وليس فقط قرارات.. أي إن الموضوع له تبعات والتزامات قانونية تحدث تغييراً ليس من السهل التراجع عنه هكذا بعد أن يكون وصل بالتنفيذ إلى درجة متقدمة .
المشكلة أن تلك القرارات تتخذ من قبل أشخاص لديهم السلطة والصلاحية من دون مساءلة أو مراجعة ، ويغلب عليها الطابع الشخصاني وليس بالضرورة لمراعاة مصلحة المجتمع وإستقراره... لدينا ظاهرة أحيانا يتم التمادي بها، وهي أن من يأتي بعد الآخر يلغي قراراته أو يجمدها، وبالتالي تعيش تلك الإدارات حالة من التخبط واللامبالاة .
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي