زاد الاردن الاخباري -
كشفت أوكرانيا في وقت سابق عن عزمها شن عملية مضادة واسعة لـ"تحرير خيرسون" من قبضة الروس، لكن ذلك الهدف لم يتحقق حتى الآن، نظرا لبطء تقدم القوات البرية الأوكرانية في ساحة المعركة، وتفوق القوات الروسية في "أعداد الجنود والأسلحة".
وحطمت المدفعية والصواريخ الأوكرانية التي قدمتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الجسور ومستودعات الذخيرة الروسية بالقرب من خيرسون، لكن الحركة الأكبر لقوات المشاة لم تحدث بعد، وفقا لتقرير لصحيفة "بولتيكيو".
ومنذ فترة طويلة، قال المسؤولون الأوكرانيون إن الجنوب قد يحدد مصير الحرب، وشنت أوكرانيا بالفعل سلسلة من الهجمات على منشآت عسكرية روسية بعيدة عن خط المواجهة، بما في ذلك الانفجارات الهائلة التي وقعت في قاعدة جوية روسية في شبه جزيرة القرم، الثلاثاء، ما يشير إلى "تأثير الهجوم المضاد"، وفقا للصحيفة.
وخلال الفترة الماضية، استطاعت القوات الأوكرانية ضرب المواقع الروسية حول خيرسون، مستفيدة من تقديم حزمة الأسلحة الغربية التي تم تقديمها لكييف، وعلى رأسها نظام الصواريخ المدفعي عالي الحركة الأميركي الصنع "هيمارس".
وبفضل هيمارس استطاعت كييف تغيير "قواعد اللعبة في ساحة المعركة بخيرسون"، وفقا لتقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
ومكنت تلك الأسلحة القوات الأوكرانية من إبطاء تدفق الأسلحة والمعدات والقوات الروسية إلى خيرسون، وفقا لتقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
لكن على جانب آخر، تواصل القوات الروسية قصفها الصاروخي على القوات الأوكرانية، ما تسبب في تعقيد الأوضاع في خيرسون، حيث يتدافع المشاة على الجانبين بحثا عن خنادقهم لحمايتهم من نيران المدفعية، وفقا لـ"بولتيكو".
ولذلك يؤكد أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة سانت أندروز في اسكتلندا، فيليبس أوبراين، أن القوات الأوكرانية تواجه تحديا حقيقيا يتعلق بالمضي قدما وسط تلك الظروف.
وأضاف "ما لم تكن لديك سيطرة كاملة على السماء والقدرة على تطهير المنطقة أمام قواتك، فإن أولئك الذين يتحركون للأمام في خطر حقيقي"، وفقا لما ذكره لصحيفة "نيويورك تايمز".
ومن جانبه يشير المحلل العسكري، كونراد موزيكا، إلى "ضرورة تقدم القوات الأوكرانية في ساحة المعركة بخيرسون بعد تصاعد الخسائر الروسية هناك"، وفقا لـ"بولتيكيو".
وفي وقت سابق، كشفت المتحدثة باسم قيادة العمليات الجنوبية في أوكرانيا، ناتاليا هومينيوك، نجاح الضربات الأوكرانية في "تعطيل ثلاثة جسور روسية على نهر دنيبرو"، ما أضعف قدرة روسيا على تعزيز قواتها في خيرسون.
لكن الضربات الناجحة لم يتبعها تقدم كبير للقوات البرية الأوكرانية، ورغم تحرير الأوكرانيين عشرات القرى والبلدات في محيط خيرسون، لكنهم لم يواجهوا "مقاومة روسية تذكر"، ويشير خبراء إلى أن تحرير باقي المنطقة "سيكون أصعب بكثير"، وفقا لـ"بولتيكيو".
وفي الأسابيع الأخيرة، نقلت روسيا قوات من منطقتي خاركيف ودونيتسك إلى الجنوب، بهدف تعزيز دفاعاتها حول خيرسون، وهو ما يمنح موسكو "ميزة في عدد الجنود والمعدات".
ولذلك تحتفظ روسيا بتفوق ساحق في أعداد القوات والذخيرة، ما يصعب مهمة "القوات الأوكرانية في تحرير خيرسون"، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".
وتخطط روسيا لضم خيرسون إلى أراضيها، عبر إجراء استفتاء في منتصف سبتمبر، وإذا كانت كييف تأمل في وقف التصويت غير القانوني فعليها "التحرك بسرعة"، وفقا لـ"بولتيكيو".
لكن الباحث في المعهد الوطني الأوكراني للدراسات الاستراتيجية، ميكولا بيليسكوف، يستعبد شن القوات الأوكرانية لهجوم سريع، مرجعا ذلك إلى "افتقار أوكرانيا للأسلحة الثقيلة".
ورجح أن تقصف كييف القوات الروسية "ببطء ومنهجية"، حتى يتضح لموسكو صعوبة الدفاع عن مواقعها في الجنوب، حسب حديثه لـ"بولتيكيو".
ويرى بيليسكوف أن إعادة روسيا نشر قواتها في خيرسون قد يكون "خطأ استراتيجيا"، لأن تلك القوات سوف تحتاج المزيد من الإمدادات ويسهل "استهدافها".
ويبدو أن كييف قد أدركت ذلك، وهاجمت جسور السكك الحديدية والمركبات الرئيسية التي تعبر نهر دنيبرو، وحرمت القوات الروسية من حرية الحركة في المنطقة، حسب "بولتيكيو".
وأوضح بيليسكوف أن نجاح كييف في إجبار موسكو على إعادة نشر قواتها يعد "إنجازا كبيرا"، مضيفا أن القوات الأوكرانية أخذت زمام المبادرة للمرة الأولى في الحرب "بعدما كانت المبادرة حصرية في يد الروس".
ولذلك يتوقع مايكل كوفمان، مدير الدراسات الروسية في معهد أبحاث "سي أن إيه" في أرلينغتون بولاية فيرجينيا، في حديثه لـ"نيويورك تايمز"، تراجع القوات الروسية خارج خيرسون تحت وطأة طول أمد "الضغط الأوكراني".