أولينا الإصلاح السياسي و الاقتصادي والإداري اهتماما كبيرا، واهملنا الإصلاح الاجتماعي، الذي يُحسِّن ظروفَ عيشنا في بلادنا الحبيبة وينقي عاداتنا التي تحتاج إلى تنقية متواصلة ويوفر جهدا ومالا بالملايين.
طقوس التعازي تشكل مقطعا عرضيا لمشكلة، لم نكترث بتهذيبها وتشذيبها، لتكون على مقاس الظروف والتطورات الحاصلة في العالم وعندنا.
ما فاتنا يمكن تعويضه بواسطة اقطاب الإعلام ومعلمي المدارس وأساتذة الجامعات وقادة الرأي والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والكتاب والمسرحيين والفنانين وخطباء المساجد والكنائس والقدوات.
وكنت كتبت ان الظروف الاقتصادية والبيئية، تملي عاداتِها وسلوكَها ولباسَها وطعامَها واخلاقَها وإِنْفاقَها.
غطاء الرأس العقال والمنديل/الشورة/الحطة، كان مفروضا على الذكور البالغين، ولم يكن مطلوبا من النساء. فكان يقال لمن يتعرض للبهدلة «فرّعوه الرجال». وكان لقب «المفرّع» يطلق على المكلح والهامل.
قلما نرى اليوم من يغطي رأسه من الرجال، إلا طلبا للدفء.
على العموم، فالوضع جيد والناس ترمي عن اكتافها أحمال البدع وأثقال العادات الغاربة وتتخفف من ثقافة المراءاة وتتكيف وتصبح اكثر واقعية في تعاطيها مع تكاليف التعزية غير اللازمة.
المفرح أن اتفاقا وطنيا شبه كامل، على أنها عادات ضارة لا تتناسب مع ظروفنا التي تستدعي التقشف والتعفف وحكمة التصرف.
للتذكير، اهلنا في بلدة سال، وقّعوا منذ أعوام اتفاقية والتزموا بها، تعفي أهل المتوفى من تقديم الطعام للمعزين، وبدل ذلك، يقدم أهل البلدة الطعام لأهل المتوفى.
ونتوقع من ابنائنا المغتربين أن يكونوا في طليعة الإصلاح الاجتماعي، و أن لا يحملوا عادات وبدع التعازي الثقيلة معهم.
أصبح الحضور الشخصي الفيزيائي إلى بيوت العزاء متعبا ومكلفا وثقيلا وخاصة على البعيد. وأصبحت التعزية بالاتصال الهاتفي وعلى منصات التواصل الاجتماعي، مقبولة.
لقد تم دفن آلاف الأعزاء بغياب الأبناء والآباء والأمهات والأشقاء، فلماذا نبيح التغيب للخاصة الأقربين، الذين تعجزهم ظروفهم عن حضور الدفن والعزاء، ولا نبيح ذلك للأبعدين ؟!