حكومة الاحتلال اعلنت امس عن تشغيل اولى الرحلات لفلسطينيين على متن شركة اركيع، والتي غادرت مطار رامون متوجهة الى لارنكا القبرصية.
و تمنع حكومة الاحتلال الفلسطينيين من السفر عبر مطاراتها نحو الخارج، وباستثناء تصاريح خاصة للبعض - في حين تسمح لسكان المستوطنات في الضفة الغربية بذلك.
ويتعين على الفلسطينيين المسافرين الى الخارج الوصول الى الاردن عبر معبر الملك حسين اولا، ومن ثم استخدام المطارات الاردنية. وفي رحلة واجهت في الاونة الاخيرة تعقيدات وارباكات اسرائيلية لمسافري جسر الملك حسين، وشهد المعبر حالة ازدحام وتعطل في الحركة، وحمل الاردن المسؤولية الى حكومة الاحتلال.
وأقلت الرحلة الاولى المتوجهة من مطار رامون الى لارنكا القبرصية اربعين مسافرا فلسطينيا، بحسب ما نقلت وسائل اعلام فلسطينية واسرائيلية.
الاردن اكبر الخاسرين والمتضررين من تشغيل مطار رامون، ويلحق قرار التشغيل خسائر اقتصادية فادحة بالاردن.. وكما ان تشغيل المطار سيضرب حركة السياحة والنقل الجوي والبري الاردني.
وما لم يحسب حسابه اردنيا، ان قرار تشغيل مطار رامون سيضرب مصالح استراتيجية اردنية كبرى. ويبدو ان اندفاع اسرائيل نحو تشغيل المطار والاعلان عن اولى الرحلات التي ضمت مسافرين فلسطينيين رسالة واضحة ان الترتيبات والتنسيق الاردني / الاسرائيلي وصل الى طريق مسدود، وقد ينسحب ذلك الى ملفات وقضايا اخرى شائكة في العلاقة الاردنية / الاسرائيلية.
السلطة الوطنية في رام الله تتفرج، وتعليقها على تشغيل مطار رامون كان مترددا ومتوجسا.
مكاتب السياحة والسفر الفلسطينية روجت لمطار رامون واستخدامه بمعدل فاق سردية ترويج ودعاية حكومة الاحتلال وادارة المطار ووزارة النقل الاسرائيلية. التوسع في تشغيل مطار رامون، يعني ان فلسطينيي الضفة الغربية سيسافرون الى تركيا وارجاء العالم عبر المطار الجديد، وليسوا بحاجة اطلاقا الى رحلة الاردن وجسر الملك حسين والسفر من خلال مطارات الاردن.
السلطة الوطنية صدر عنها تصريحات معدودة، اولها ندد واستنكر ومن ثم لغة الاستنكار بدأت بالهبوط التدريجي، وتغير مواقف سلطة رام الله لاسباب غامضة، رغم ما يحيط علاقة رام الله وتل ابيب من ظروف معقدة وحالة مطلقة من اللا تفاهم بين الطرفين.
المسافرون الفلسطينيون الاربعون في رحلات مطار رامون مروا امام اعين سلطة رام الله، ولم يصدر عنها اي تحذير وانذار لمواطنيها في حال استعملوا مطار رامون، وما قد يقبل التفسير ان السلطة راضية عن تشغيل المطار وتدعم هذه الخطوة الاسرائيلية، ورغم عواقبها على الاردن.
الاعلان الاسرائيلي لتشغيل المطار مر عليه حوالي شهر، والرسائل الاسرائيلية لم يواجهها اي موقف اردني رسمي، وحتى الخيار الدبلوماسي الاردني المتعلق باللجوء الى منظمة الطيران العالمية يسير على خطى من طين.
طبعا اسرائيل لا تكترث في الشكاوى الدولية، ولا تحترم المجتمع الدولي والمنظمات الدولية.. وتتجاهل اي قرار وتوصية، وترمي عرض الحائط احترامها للقانون الدولي، وهذا ليس غريبا عن كيان استيطاني ومحتل، ومغتصب.
وكل ما يروج حول مطار رامون بانه سوف يحل ازمة حركة فلسطيني الداخل ويقلل من معاناة وكلف سفرهم عبر الاردن وجسر الملك حسين هي مجرد دعاية اسرائيلية ترمي الى ضرب مصالح الاردن استراتيجيا واقتصاديا وللامن الوطني الاردني، والضربة الخبيثة ترمي لما هو ابعد سياسيا في الضغط على الاردن الصامد وشبه المحاصر والمكدوم من اخوة وابناء عمومة قبل الغرباء والاعداء.
الصمت الحكومي الاردني لا يقبل اي تفسير.. وفيما لا يحتمل ايضا ان المطار قد يكون بوابة او نقطة بداية ضاغطة لتصفية اسرائيلية لمصالح استراتيجية اردنية، وما يزيد من القلق والخوف هو موقف السلطة الوطنية وصمتها، وما يعني ان عدم الاعتراض جزء من المباركة والقبول، والمخفي اسرائيليا اكبر واخطر من تشغيل مطار.