مكرم أحمد الطراونة - سألت مسؤولا أردنيا عن رأيه في اللقاء الثاني لجلالة الملك مع الرئيس الأميركي جو بايدن، والذي عقد في واشنطن، وبماذا يمكن وصفه، فأجاب حينها بأنه لقاء ودي وتشاوري. بدا واضحا من إجابته أن هذا اللقاء لم يكن كسابقه الذي رسخ العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف الأصعدة، وتم فيه بحث مختلف الملفات؛ أردنيا وإقليميا، وأعيد فيه الألق إلى الدور الأردني الذي تعرض لهزات إبان رئاسة ترامب.
هذا لا يعني أن اللقاء الثاني لم يكن مهما، لكن مقارنة بحجم المنجز في اللقاء الأول فإن الثاني يصنف لقاء تشاوريا بين الدولتين.
إذا ليس كل لقاءات تعقد، ثنائية كانت أو تضم عددا من القادة هي لقاءات يتوقع لها أن تحمل طيفا من القرارات أو الاتفاقيات، بقدر ما قد تكون لقاءات تشاورية هدفها تبادل وجهات النظر، كالذي عقد في الساحل الشمالي المصري أمس، وشارك فيه جلالة الملك إلى جانب الرئيس المصري، وملك البحرين، ورئيس دولة الإمارات.
ما إن يعلن عن عقد مثل هذه اللقاءات، حتى يسارع المتابعون إلى التحليل والاستنباط، وطرح تساؤلات حول الأهداف والغايات، وأسباب اختيار الزمان والمكان، حتى أن بعضهم ذهب إلى الاستفسار عن غياب بعض الدول، مطلقا العنان لمخيلته التي قادت بعضهم سابقا إلى ربط أي لقاء على مستوى القادة بالتحضير إلى إنشاء تحالف عسكري عربي، بل إن البعض أقحم دولة الاحتلال في هذا التحالف الذي هو أبعد ما يكون عن الحقيقة.
في العودة إلى الخلف، راهن العديد على أن قمة جدة التي عقدت في السعودية وضمت دول الخليج والأردن ومصر والعراق وأميركا، ستكون إيذانا بإطلاق شكل جديد للمنطقة، وأن تغييرات ستطال الأوضاع الاقتصادية والسياسية، خصوصا وقد سبقها لقاء لبايدن في دولة الاحتلال وآخر في رام الله، بيد أنه ومع انتهاء عقد القمة وتلاوة بيانها الختامي، بدا واضحا أن القمة جاءت في إطار تقارب وجهات النظر والتباحث حول الملفات الأساسية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والطاقة والنفط دون الوصول إلى تفاهمات نهائية بشأنها.
لا يمكن التقليل من أي لقاء عربي، باعتبار أن التعاون بين الدول هو المرتكز الأساسي والرافد الحقيقي لحل أزمات المنطقة؛ سياسيا واقتصاديا، إذ لا يمكن استيراد أي حلول لأزماتنا من خارج إطار العمل العربي المشترك، كون المصالح واحدة، والمصير هو ذاته. لكن لا بد من عدم الذهاب بعيدا في تفسير هذه اللقاءات التي تأتي ضمن سلسلة لقاءات تشاورية، لم تكن الأولى، وحتما لن تكون الأخيرة، حيث ستعقد بين القادة لقاءات أخرى في المستقبل تحت نفس العنوان وفي ذات الإطار.
هدف لقاء أمس كان واضحا، وهو تبادل وجهات النظر حول أزمات المنطقة، وتوحيد المواقف تجاه التحديات التي تعيشها الدول العربية، وتوسيع التعاون التنموي والاقتصادي والاستثماري، بصورة بعيدة عن البروتوكولات، والأطر الرسمية.