المصلحة الاستراتيجية الأردنية تجاه النظام السوري

زاد الاردن الاخباري -

ابراهيم ابو حماد

تتكاثر الاصوات المطالبة بتدخل الدولة الأردنية لوقف عمليات القتل وقمع المطالبين بإسقاط نظام الحكم في سوريا .. النظام الجمهوري .. الذي يقوده حزب البعث ..
وخروج سكان بعض المحافظات السورية بتغير النظام.. والمطالبة بالديمقراطية ( الرأسمالية ) وفتح باب الحريات بشكل أوسع ..
وقد اكون أو لا أكون... متفقا مع المطالبين بتغير نظام الحكم في سوريا .. ولكني كمواطن اردني .. واهتم لمصلحة الأردن نظاما وشعبا .. ادعو الكثيرين للتساؤل هل من مصلحة النظام والشعب في الأردن ان يتم تغير نظام الحكم في سوريا ..؟

كما يعلم الكثيرين ان العلاقات الامريكية السورية ليست بحالة جيدة .. ولا تعتبر سوريا متحالفة مع الدولة العظمى الأولى في النظام الدولي ... وان تحالف سوريا وايران وحزب الله .. هو تحالف ليس بمصلحة الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل .. لما يسببه هذا التحالف من تهديد لهم ..
ورغم ما تم إظهاره من وثائق تبين قيام الولايات المتحدة بتقديم الدعم المادي والمعنوي والتكتيكي للثورة السورية .. ! ولكن رغم ذلك لا أريد أن أشكك بأنها ثورة شعبية !

ولكن لو نظرنا قليلا الى الأمام... وما ستكون الأثار المترتبة على النظام في الأردن في حال تغير النظام في سوريا .؟!
يعلم المتابعين .. ان الأردن بالعوامل المحيطة حاليا .. هي دولة مهمة استراتيجيا وجغرافيا للولايات المتحدة الأمريكية ... وبذلك تقوم الولايات المتحدة الامريكية بتقديم الدعم المستمر للأردن .. من مساعدات مالية وفنية .. و قيام الدول الحلفاء ايضا مع الولايات المتحدة الامريكية بتقديم الدعم للأردن ( الذي تقوم نسبة كبيرة من ميزانية الحكومة الأردنية على هذه المساعدات ) .. للحفاظ على استقرار هذه الدولة التي هي .. وبرغم صغر مساحتها.. الا انها تقع في منطقة مهمة جدا..
وباعتبار ان الاردن هي دولة .. سياستها الخارجية اقرب ما تكون سياسة محافظة .. وتتسم بالعلاقة الودية مع الدول الأخرى .. ذلك يساهم ايضا في تقديم الدعم لها .. فهي ايضا دولة ينظر اليها بأنها من اكثر دول المنطقة .. نسبة الديمقراطية فيها مرتفعة وذات استقرار داخلي ...

ولكن في حال سقوط النظام في سوريا ... واصبحت دولة ديمقراطية ورأسمالية ... واصبحت دولة حليفة للولايات المتحدة .. ذلك يدفع الولايات المتحدة والدول الغربية والحليفة لها بأن تقدم الدعم لها .. وبهذه الحالة يصبح الاهتمام والدعم المقدم للأردن اقل .. وزيادة الاهتمام بنظام سوريا الجديد .. لدفع النظام الجديد ليكون حليف من الدرجة الأولى من خلال تقديم الدعم المادي والمعنوي للنظام .. حتى يضعف او ينتهي التحالف بين سوريا وايران وحزب الله ..! والذي ايضا قد يساهم في قيام مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي تسعى الولايات المتحدة الامريكية لتحقيقه ..! فأنا لا استبعد ان تقسم سوريا الى دولتين او اكثر

بمعنى أخر ان الولايات المتحدة الامريكية .. تصنف كدولة براغماتية .. أي أنها لا تهتم لشخص او مجموعة اشخاص ... إنما تهتم لمصلحتها .. فقد تقوم الولايات المتحدة بالاستغناء ... حتى لو قليلا .. عن النظام الأردني (الحليف) الذي تسعى لتقديم الدعم لاستقراره .. وتتوجه لدعم النظام السوري ( القادم ) لكسب النظام كحليف استراتيجي ..

وقد يرى البعض انه ليس من الضروري ان يأتي شخص غير رأسمالي للنظام في سوريا ... ولكني ارى ان الاشخاص الحاكمين او الذين سيحكمون .. سيحتاجون للدعم الدولي .. الذي نعلم ان من يقود هذا الدعم هو الولايات المتحدة الامريكية .. !

ولنستدل قليلا من الثورة المصرية ... فالفوضى وعدم الاستقرار .. هو السائد حاليا .. ومع ذلك لا غنى .. لجمهورية مصر عن .. دعم الولايات المتحدة ... خصوصا ان الاقتصاد المصري يعاني حالة من العجز ..!

والثورة التونسية ايضا .. فالديون التي استدانتها الحكومة التونسية بعد الثورة .. هي ديون مرتفعة جدا حسب العديد من التقارير ..

والثورة في ليبيا .. كم حجم الديون التي قام المجلس الانتقالي باستدانتها من الدول الغربية ..!

فقد تكون فعلا الثورة الشعبية في أي دولة في بدايتها شعبية بحته ولكن مع ذلك .. تستطيع الولايات المتحدة وأتباعها من خلال الدعم الذي تقدمه ان توجه الثورة .. بحيث تستغل انفعال ونشاط الشباب المطالب بالتغير ..!

ففي النهاية .. اعتقد انه من مصلحة النظام الأردني والشعب ان يبقى النظام السوري الحالي ..
وانه اذا اردنا ان نحقق العزة والرفعة للوطن العربي والتخلص من التبعية للولايات المتحدة .. هو تعاون الدول العربية جميعها لمحاربة النفوذ الأمريكي .. ففي حال قيام نهضة عربية جماعية مشتركة .. تكون من مصلحة الأمة العربية ..

لذلك دعونا نكون منطقيين وواقعيين أكثر من أن نكون عاطفيين ..!