الاستجابة لمخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، من قبل وزارة التعليم العالي يحتاج لتدبر وتفكير كبير، مع أن الوزير الدكتور وجيه عويس حين كان عيناً كان أول من دعا عمداء شؤون الطلبة إلى مجلس الأعيان للتحاور معهم بشأن تكيّف عماداتهم وجامعاتهم للمخرجات وكان جادا في معرفة الكيفيات التي ستؤول إليها استجابة الجامعات.
لاحقًا جاء التعديل الحكومي وحضر الدكتور وجيه عويس وزيرًا لحقيبتين مثقلتين ينوء عنهما فريق من الرجال، كان ذلك في وقت تحدّدت فيه أهداف التحديث صوب الدفع في الشباب للمشاركة السياسية، أي الفئة التي تديرها وتشرف عليها وعلى تنشئتها وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي، فجاءت فكرة اللقاءات والمناهج، وضرورة ادخال مخرجات التحديث في المناهج، وهذا مقترح جيد ومهم على صعيد التنشئة السياسية والتثقيف السياسي، لكن الاستجابة جاءت وكأننا في بلد شمولي، هدفنا هو تحقيق إدراج النصوص وتشكيل لجان فاحصة عن مدى التزام الجامعات بوضع نصوص القوانين التحديثية في المناهج وخاصة قوانين الاحزاب والممارسة السياسية، وقيل أنّ ثمة مؤلفا يعد للجامعات ليكون هاديا للطريق، وظني ويقيني أن ذلك لن يفلح لأنه سيحول الحديث عن التحديث كما كان الأمر حين ادرجت نصوص عن الفرصة السكانية وتنظيم النسل.
ما ينبغي الاهتمام به تعظيم الرؤى المختلفة وتوحيد الإطار العالم للمدخلات كما حدث عام 2000 عندما تمّ إقرار مساقات اللغة الإنجليزية الثلاثة ومواد اللغة العربية ومواد الحاسوب وكان ذلك برؤية ملكية، حيث شكّلت لجان لتطوير التدريس في مهارات اللغة العربية والانجليزية والحاسوب وهوم ما نتج عنه امتحان الكفاءة للطلاب البكالوريوس ولم يتم التدخل بالمحتوى التدريسي آنذاك.
هذا ما يجب توجه الجامعات إليه في مناهج التربية الوطنية في سياق التحديث حفاظا على استقلاليتها المعرفية التي يحترمها الدكتور وجيه عويس، وهو رجل عاقل وعالم ويجب ان يضع مجلس التعليم صاحب الرؤية والذي يقرر إيجاد محتوى معرفي وليس كتاب او منهج، ويكون استرشاديا لمواد التربية الوطنية.
وإذا كان هناك نية لفتح مناهج التربية الوطنية في الجامعات يجب ان لا نغرق في التاريخ، وان نسعى لخلق مناخ من الحريات في الجامعات وتعظيم التفكير الحر والناقد والاطلاع على تجارب الطلبة الأردنيين الذي عملوا في الحركات الطلابية محليا وعالميا ولدينا امثلة وخبرات جيدة منهم.
ختاماً، نجد انّ مجلس التعليم العالي عاقل وفيه خبرات وافية الاكتمال، وعلى غرار ما حدث قبل مواد إقرار متطلبات الجامعات الخاصة بمهارات الابداع والابتكار وكانت استرشادية وليست اجبارية للجامعات، وهذا هو الأليق والأجمل، والتحديث لا يأتي بمناهج وإنما يأتي بعقليات جديدة وفكر نيّر يستوعب التجارب الأردنية في العمل الطلابي والسياسة داخليا وفي الخارج، ويعكسها كمنتج وحاصل خبرة ويقدمها للطلاب.