إذا وصل قطار المفاوضات حول الملف النووي الإيراني إلى نهايته بتوقيع الاتفاق بين الغرب وإيران فإن هناك مجموعة من التحولات أو الخطوات التي قد تظهر في منطقتنا العربية وما حولها.
لنترك إسرائيل التي تظهر غضبا من توقيع أي اتفاق لأنها ترى فيه هدية لإيران التي ستستعيد عشرات المليارات من الدولارات ستنفقها على توسيع نفوذها في المنطقة، وأن إيران قريبة من امتلاك السلاح النووي، لكن دولا أخرى متضررة من الاتفاق ايضا وتحديدا في الإطار العربي ذلك أن الاتفاق وفق ما يتم تسريبه من بنود لن يشمل نشاط إيران الإقليمي عسكريا وتدخلها في دول وساحات عربية وبالتالي فإن القلق السياسي والأمني والعسكري الذي تسببه إيران اليوم لدول عربية عديدة سيبقى بل ستزداد إيران قوة من خلال الاتفاق سواء قوة مالية واقتصادية أو نشوة سياسية إقليميه ودولية.
الاتفاق سيشمل فقط نشاط إيران النووي بحيث يخضع للرقابة والمتابعة الدولية، وهذا الملف ليس مقلقا للدول العربية بالدرجة الأولى فما يقلقها هو تواجد إيران الأمني والعسكري وتعزيز نفوذ مخالبها من مليشيات وأحزاب وأتباع والذي أصبح جزءا من عوامل تهديد الأمن الوطني لدول عربية عديدة.
حالة الخذلان التي ستسببها أميركا للعديد من حلفائها العرب في الإقليم ستكرر ما كان عند توقيع الاتفاق عام 2015 في عهد الديمقراطيين والذي انسحب منه بعد ذلك ترامب الجمهوري قبل أن تعود إدارة بايدن لإحياء التفاوض حوله.
في الحالة العربية قد يسبب توقيع الاتفاق إذا ما تم إلى ذهاب بعض الدول العربية إلى تحسين علاقاتها مع إيران، والبعض قد يصمت ويراهن على الزمن بانتظار الانتخابات الأميركية بعد عامين لعلها تعود بالحزب الجمهوري أي ترامب وتياره حيث يمكن أن تعود فكرة الانسحاب من الاتفاق واردة.
إسرائيل التي اعتادت على إزالة التهديدات الكبرى جذريا مثلما فعلت مع المفاعل النووي العراقي الذي دمرته عام 1981 لا ترى في الاتفاق طريقة للتعامل مع التهديد النووي الإيراني، كما ترى في الاتفاق منح إيران فرصة لاستعادة بعض قوتها من خلال استعادتها لعشرات المليارات فضلا عن القوة السياسية، ولهذا فهي تعمل كل ما تستطيع لمنع عقده.
إيران بعد الاتفاق ستكون في وضع مختلف، وما كان يطلبه العرب من أميركا بأن يعالج الاتفاق مشكلتهم في توسيع إيران نفوذها في ساحات وملفات وعواصم عربية، وهذا لم يحدث بل لم يكن على جدول أعمال التفاوض الإيراني الغربي.
بقي القول إن بايدن يحتاج الاتفاق قبيل الانتخابات النصفية للكونغرس في الخريف القادم، والغرب يريد نفط إيران ليكون تعويضا عن معاناتها لنقص الوقود نتيجة الحرب الروسية والأوكرانية، أما العرب فهم بانتظار ما يفعل العالم لعل هذا يحل بعض مشكلاتهم، لكن العالم يبحث عن حلول لمشكلاته فقط.