تجاوزت الأخبار أو القصص التي تم تداولها خلال الأيام الماضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي عدد أصابع اليد، وفي أغلبها لم تكن صحيحة أو تحمل مضامين ليست سويّة، وبعضها تضمنت تفاصيل غاية في السلبية تحديدا تلك التي جعلت من أجهزة رسمية تبذل جهودا جبّارة أحادت بوصلة أعمالها عن قضايا هامة جدا ومصيرية، لتوجهها لجهة قصة أو حدث لبعض الهواة والباحثين عن الشهرة.
وفي هذا الفضاء الواسع، بات انتشار المعلومات أمرا طبيعيا، إن لم يكن محرّكه الأساسي، ليعيش كل مستخدميه ومتابعيه في عالم افتراضي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ولكن للأسف أن يتحوّل هذا الميدان لبث أخبار كاذبة واشاعات وقصص عشوائية المضمون، هو أمر بات يشكّل الكثير من القلق ويبعث توترا ربما تسيّد الشارع المحلي خلال الأيام الماضية، لكثرة ما تم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في أطر غاية في السلبية وفوضى، مما يجعل من وجود أدوات ضبط لهذا العالم باتت ضرورة حتمية لوقف ما يحدث بها من تجاوزات وسلبيات.
وفي تفكيري الصحفي، كما زميلاتي وزملائي، فإن ما حدث مؤخرا، ويحدث ما هو إلاّ تأكيدات علنية وموثّقة بأهمية وسائل الاعلام المهنية كافة، وأن لمثل هذا الأسلوب في التعامل مع المعلومات البقاء ونموذجية الحضور، فما حدث ويحدث وحتما سيحدث على وسائل التواصل الاجتماعي من تخبّط وسباقات لا تتوقف للظهور والشهرة ولو على حساب مؤسسات الوطن ومشاعر المواطنين، ما هي إلاّ شهادات متتالية بأهمية الاعلام الذي يبقى الجهة الوحيدة التي تنقل المعلومة وتنشرها بمهنية ومصداقية مؤطّرة بالمصلحة الوطنية ومصلحة المواطن، دون ذلك ما هي إلاّ فقّاعات تخفيها نسمة هواء بسيطة، وتقضي على ملامحها بشكل نهائي.
لا أريد القول أن ما حدث مؤخرا ويحدث في وسائل التواصل الاجتماعي أنه لصالح الاعلام، كوننا حتما لسنا في محل منافسة أو حتى مقارنة، ففي هذا رفض تام، إنما هي رسالة لكل باحث عن المعلومة الصحيحة والدقيقة والمهنية والتي تأخذ من المصلحة الوطنية ومصلحة المواطن أن يلجأ للاعلام المهني والذي يكتب بقلم المصداقية ومحابر العاملين به لا تجفّ في تقديم كل ما هو مفيد.
ازدحام بالقصص بتنا نشهده يوميا، وتخبّط في التفاصيل تروى على أكثر من لسان وأكثر من رأي وأكثر من حقيقة، وبات فضولنا يأخذنا صباح كل يوم الى جديد نسمعه، جديد لا حقيقة في تفاصيله، سوى أنها قصة للتداول والشهرة ولغايات شخصية، وبمجرد انتهاء اليوم تذيب ساعات المساء هذه الفقاعات، وتختفي مع عتمة الليل، لنجد أن ساعات صباح اليوم التالي تحمل قصصا جديدة، تظهر مع شمسه وتختفي بعتمة ليله، حال أقل ما يوصف به أنه سيء ويجب أن يتم وضع أسس واضحة لاستثمار وسائل التواصل الاجتماعي بشكل ايجابي وجعلها وسيلة بناء وليس العكس، وهذه مسؤولية الجميع لا تقف عند شخص دون الآخر، ذلك أن هذه الوسائل يمكن أن تكون مفيدة في كثير من الحالات، وجعلها أداة بناء لا هدم لا مستحيل فيه، فالممكن متاح بذلك، في حال التشاركية والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يترك أثرا سلبيا هدّاما ربما هذا الأمر يمكن أن يبدأ من عواطفنا ويسير في خطوات كثيرة من بينها مساهمتنا بنشر هذا التخبّط والسلبية، المسوؤلية جماعية في منع استحداث وأحيانا استنساخ قصص وأحداث يصنعها باحثون عن الشهرة والمصالح الشخصية، لا فائدة منها سوى خلق بيئة خصبة للسلبية.