بمئة وخمسين دينارا تشترى ذبيحة.
و من يسكنون في القرى والارياف والبوداي يعرفون حقيقة ما اقول.
و تشتري ذبيحة، وتقطعها وتفصلها للشوي والصواني والمنسف، والمعلاق، والفوارغ.
وتندهش اليوم، وان ترى عروضا للحوم عجل «ستيك « الكيلو ب 200 دينار.
و اندهشت حقا وخف عقلي، وان اقرا خبرا، وعثرت على اللحوم معروضة في سوبرماركت فخم في عمان الغربية، ويعرضون لحوما اخرى اسعارها تتراوح ما بين 100 الى 150 دينارا.
من يقرأ هذا الارقام يشعر لحظة في بلادنا ان لحوم الاغنام والابقار توزع بالمجان، وليس من حق المواطن ان يشكو ارتفاع اسعارها، واذا قورنت بوجبة غذاء من الستيك الأرجنتيني والايطالي تكلف 300 دينار.
ولم يذكر الستيك الارجتنيني «الانغوز « في الكتب السماوية الدينية، ولم يقل عنه العرب انه من الاماني السبعة، وفي حكايا الف ليلة وليلة لم تسرد شهريار للوالي اي حديث عنه» الانغوز «.
طبعا، واول ما تقرأ اخبار الستيك ام 200 دينار تتساءل عن الزبائن والشرائح الاجتماعية الذين يغامرون ويشترون الكيلو ب200دينار، وما يعني ان مئة غرام بعشرين دينارا.
يروى ان فقيرا دخل على تاجر خضار وفاكهة وسأل عن سعر الجوافة، فاجابه التاجر بدينارين، وقال له الفقير معي ربع دينار، فرد عليه التاجر بربع الدينار تقدر ان تشم الجوافة وتردها .
فهل معقول سوف نصل الى اليوم نتفرج به على اللحمة من وراء الواح زجاجية ؟ و كما نتفرج على واجهات محال المجوهرات والالماس، ويسيل لعابنا ونعود الى البيوت بحسرة وحيرة.
العالم يتغير، وازمة المناخ تقسو على الانسان، وموارد الطبيعة تستنفد.. والكرة الارضية سكانها يتضاعفون، وكورونا رغم لعنة الوباء، الا انه لم يحصد ارواحا بشرية كافية.
البشرية مهددة بالعطش والجوع، وكما ان منظومة القيم والاخلاق مهددة بالانقراض..فالانسان بالحضيض، وسعره تدنى، وثمنه اقل من وجبة لحمة وسندويشة شاروما، ولا يساوي وجبة ستيك ارجتنتي.
تخيلوا بعد نصف قرن ما الذي سوف تؤول اليه الكرة الارضية ؟ فما كان خيالا علميا كالذي قدمه ويلز اصبح واقعا، والمدن الفاضلة التي حلم بها فلاسفة كالفارابي انتهت الى ديستوبيات او مدن راذلة.