سلامة الدرعاوي - حتّى يدخل قانون الاستثمار الجديد حيّز التنفيذ بعد إقراره من مجلس الأمّة، سيكون هناك 90 يوماً لذلك، يصدر حينها بالجريدة الرسميّة بعد توشيحه بالإرادة الملكيّة السامية.
إلى ذلك الوقت يستدعي التحرّك الحكوميّ لإعادة ترتيب البيت الداخليّ المتعلّق بالعمليّة الاستثماريّة، وتعزيز الترابطات والتفاهمات بين الجهات ذات العلاقة، من أجل حسن ضمان تنفيذ القانون الّذي تعوّل عليه الحكومة كثيراً لتعزيز التنمية والاستقرار الاقتصاديّ.
حسن التنفيذ هو المحكّ الّذي سيثبت نجاعة قانون الاستثمار وفاعليّته، فبعيداً عما تضمّنه القانون الّذي فيه من إيجابيّات وسلبيّات والّتي لسنا اليوم في مرحلة تحليله بعد مروره بمراحله الدستوريّة لإقراره، وخروجه لمرحلة التنفيذ، فلا نملك سوى مراقبة الإنجاز، وكيفيّة تعاطي مؤسّسات الدولة وكوادرها الإداريّة مع بنوده.
قانون الاستثمار يحتاج لبرنامج عمل من خلال عدّة محاور تساعد على تعظيم فوائده ونشرها بين قطاعات الأعمال والمستثمرين المحلّيّين والأجانب على حدّ سواء، فالاستثمار بحاجة لتدريب من قبل العاملين في المؤسّسات ذات العلاقة بالعمليّة الاستثماريّة، فأحسن القوانين إن لم تجد من يفهمها ستتحوّل لأسوأ القوانين، والعكس صحيح.
لحين صدور القانون بالجريدة الرسميّة سيتعيّن على الحكومة إعداد الأنظمة المكمّلة للقانون وهي لا تقلّ عنه أهمّيّة إذا ما أحسنت إخراجها وإعدادها، وهذا يكون بالاشتراكيّة الحقيقيّة مع القطاع الخاصّ المعنيّ بتفاصيل ذلك القانون وترجمة بنوده إلى سلوكيّات عمل على أرض الواقع يكون لها تداعيات إيجابيّة على بيئة الاستثمار المحلّيّة.
القانون بأمسّ الحاجة لحملة توعية بآليّات عمله والإجراءات الواجب اتّباعها، وحقوق وواجبات المستثمرين بشكل دقيق وصحيح لا لبس فيه ولا اجتهاد، يلغي الاجتهادات الشخصيّة والمزاجيّة في التعامل مع المستثمرين.
فالحوافز والامتيازات الّتي تضمّنها القانون الجديد تحتاج إلى شرح مفصل ومسبقاً لكلّ مستثمر يرغب بالاستثمار في المملكة، فإعداد خريطة الحوافز والتسهيلات والحوافز أساس الرؤية والوضوح لأيّ قانون اقتصاديّ، وهذا ما يتطلّبه قانون الاستثمار الجديد.
التنسيق فيما بين الوزارات والمؤسّسات المعنيّة بالعمليّة الاستثماريّة وإلغاء التشابك فيما بينها، وتوحيد الجهود تحت مظلّة ومرجعيّة واحدة وهي وزارة الاستثمار سيكون أحد أبرز خطوات الإصلاح الاستثماريّ في المملكة وإزالة أكبر تشوّه مزمن في بيئة الاستثمار خلال السنوات الماضية.
القانون يحتاج لمطبخ اقتصاديّ مركزيّ معنيّ بتنفيذه والوصول إلى الأهداف المنشودة والّتي تتطلّب تفاهماً عالياً من قبل القائمين على تنفيذه، وربط ذلك الهدف مع مخرجات رؤية التحديث الاقتصاديّ خاصّة في مجال خلق فرص عمل جديدة للأردنيّين، فالبطالة يجب أن تبقى على رأس أولويّات الحكومة للمرحلة المقبلة باعتبارها كابوساً له تداعيات خطيرة على الأمن والسلّم الاجتماعيّ واستنزاف للخزينة في حال عدم التصدّي له ومواجهتها بخطط تشغيليّة، وهذه لا تكون إلّا من خلال توسعة القاعدة الاستثماريّة في المملكة.
الأسابيع المقبلة ستثبت مدى جاهزيّة الحكومة في تنفيذ هذا القانون الّذي أخذت به الكثير وأصرت عليه باعتباره أفضل السيناريوهات الّتي ممكن أن تعزّز بيئة الاستثمار وتساهم بالنهوض بها، وهذا ما سيراقبه الجميع وسيكون أرضيّة انطلاق لمحاسبتهم في حال تقصير الحكومة في ذلك.