من أهم مخرجات ومتطلبات "رؤى التحديث الثلاث" السياسية والاقتصادية والادارية - من وجهة نظري - ،أنها أظهرت حاجة ماسة لوجوه جديدة لمواصلة مسيرة العطاء والبناء في هذه المرحلة والسنوات العشر المقبلة .
لجنة "تحديث المنظومة السياسية" ضمّت في عضويتها بالاضافة الى الوجوه التقليدية والشخصيات المشهود لها وذات الخبرة العريضة وجوها كفؤة لم تظهر سابقا على المشهد العام .. وكذلك الامر في "ورشة التحديث الاقتصادي" التي بدأت بنحو 300 شخصية وانتهت بنحو 500 شخصية ، نصف العدد ربما كان وجوها جديدة من كافة القطاعات والفئات والجهات والاعمار، وضمّت شبابا ونساء أبلوا بلاء حسنا، يمثّلون طاقات وكفاءات ناجحة في عملها العام والخاص ،وكثير منهم قادر على تولّي مسؤوليات جديدة في المرحلة الحالية والقادمة .
جلالة الملك عبد الله الثاني وفي رسالته الى شعبه بمناسبة عيد ميلاده الستين ( كانون الثاني 2022) أشار في تلك الرسالة - التي اعتبرت بمثابة الاطار العام لرؤى التحديث الثلاث -.. أشار جلالته الى مواصفات محددة لقادة المستقبل قائلا :
" لا مكان بيننا لمسؤول يهاب اتخاذ القرار والتغيير الإيجابي، أو يتحصن وراء أسوار البيروقراطية خوفا من تحمل مسؤولية قراره، وواجبنا أن نوفر الحماية والدعم لكل مسؤول يتخذ القرارات الجريئة ويبادر ويجتهد، طالما أن قراراته تنسجم مع القانون ولا تعود عليه بمنافع شخصية. وعلينا أن ندرك أن هناك على الدوام أشخاصا أو مجموعات سيعارضون القرارات، ولن يكون هناك قرار يحظى بإجماع كامل، كما أن تقبل النقد هو جزء من طبيعة العمل العام الذي هدفه المصلحة العامة، بعيدا عن كسب الشعبوية."
وحتى "خارطة تحديث القطاع العام" ، ففي تفاصيلها الهيكلية ومحاورها اشارات واضحة الى جهاز حكومي رشيق وادارة حكيمة وحصيفة ، والحاجة الى وجوه جديدة قادرة على ترجمة مخرجات ومتطلبات البرنامج التنفيذي لتحديث القطاع العام ( 2022- 2025) .
وقد أكدت خارطة الطريق في محور" الموارد البشرية " على أهمية تعزيز " القدرة على اختيار المؤهلين لتولي المناصب القيادية ، واعداد الجيل القادم من القيادات المستقبلية والشابة التي تمتلك الكفايات والخبرات العملية المطلوبة للتنافس على تولي الوظائف القيادية ،بما يضمن استدامة تلبية الاحتياجات الحكومية من القادة الأكفياء المعدين والمدربين تدريبا ممنهجا يتوافق مع رؤية الحكومة ."
أمّا "منظومة التحديث السياسي" فقد بنيت تماما على ركائز وأعمدة قادرة على بناء أحزاب قادرة - وبقانوني انتخاب وأحزاب جديدين - على خلق وجوه جديدة من شباب ونساء وكذلك من ذوي الاحتياجات الخاصة ، وهناك العديد من بنود قانوني الانتخاب والاحزاب ما يضمن - بل يوجب - وجود شباب ونساء ضمن أول خمسة أسماء في قائمة مرشحي كل حزب .
الحث على تقديم وجوه جديدة لا ينقص من قدر وجهود كل الوجوه - التقليدية - التي أعطت وقدّمت ، ومن الضروري استمرار البعض منها لمزج الخبرة بالشباب ، وانطلاقا من مقولة "أن الاهم من تغيير الوجوه تغيير النهج والعقليات "- وهذا صحيح -..لكن تغيير الوجوه مع وجود رؤى تحديث جديدة ستساعد على استعادة الثقة بين المواطنين والحكومات - التي يؤمل ان تكون وفقا للاغلبية الحزبية النيابية في قادم السنوات - وسيشكل( التغيير) ضغطا ايجابيا على تلك الوجوه الجديدة من أجل نيل رضى ناخبيهم وأحزابهم، وكل من وثق بهم وأوصلهم لتبوأ تلك المسؤوليات .