سلامة الدرعاوي - ما إن اقترب فض الدورة الاستثنائية حتى بدأ حديث صالونات النخب والمهتمين للشأن العام و”المستوزرين” بالحديث المعتاد حول التعديل أو التغير الوزاري المرتقب على حكومة بشر الخصاونة التي أوشكت أن تقضي عامها الثاني.
لا يوجد ما يدلل على أن الرئيس الخصاونة سيغادر الدوار الرابع في المرحلة القريبة، بل على العكس تماماً، هناك مؤشرات قوية تدلل على أن فرصة بقائه قوية، وعلى الأرجح أن يجري التعديل الخامس على وزارته، رغم أن بعض المقربين منه يشيرون إلى رغبته بإعادة تشكيل الحكومة، ليتسنى له إجراء تغييرات موسعة على حكومته ويدعمها بوجوه جديدة لتنفيذ برنامج عمل جديد للمرحلة المقبلة يكون من خلال كتاب تكليف سام جديد، يحدد ملامح برنامج عمل الحكومة القادم.
قد يتساءل البعض حول الأسباب التي تدفع لإجراء تعديل وزاري في هذه المرحلة؟، وهل هناك ما يستدعي لمثل هذا التحرك، رغم أن الرئيس بحد ذاته بات أكثر تفهماً وانسجاماً مع أعضاء حكومته، وتجاوز الكثير من الإشكاليات التي كانت بينه وبين الكثير من طاقمه في بداية عهده.
الأسباب التي تدفع باتجاه التعديل الوزاري متعددة، أبرزها: أن الحكومة أنهت العمل بكافة المتطلبات التنفيذية لبيانها الوزاري الذي تقدمت به لمجلس النواب وحصلت على أساسه الثقة، فهي أنجزت أهم متطلبات الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري بالتعاون مع مجلس النواب، وبالتالي ركائز الإصلاح السابقة الثابتة باتت جاهزة للتنفيذ مع الحاجة لإصدار بعض الأنظمة والتعليمات الخاصة بهم، علماً أن متطلبات تعزيز الحياة السياسية دخلت فعلاً في مرحلة التنفيذ الأولى لها، وهي في مرحلة الانتقال لنقطة جديدة خاصة فيما يتعلق بالحياة الحزبية وتشكيلها.
خطة رؤية التحديث الاقتصادية والإصلاح الإداري باتتا جاهزتين للشروع في وضع اللمسات التنفيذية لهما، وأكثر شيء هنا بحاجة إليه هو وجود فريق وزاري متفهم لمتطلبات مشروعي الإصلاح، ويملك من الحماس والروح القتالية للسير قدماً في إنجاز متطلبات الإصلاح الإداري والاقتصادي، لا يفهم من هذا الكلام أن الوزراء الحاليين غير قادرين على تنفيذ ما هو مطلوب منهم في هذين المشروعين الإصلاحيين، لكن المسألة بحاجة لفهم أعمق وإجراء على التنفيذ خاصة وأن متطلبات الإصلاح تقتضي إعداد حزمة تشريعات وأنظمة تحتاج لروح جديدة من الحكومة للدفاع عنها تحت قبة النواب وشرح تداعياتها وأهميتها.
مسألة التنفيذ لخطط الإصلاح تتطلب ايمانا مسبقاً من الطاقم الوزاري بهذه المشاريع وهذا لا يكون إلا من خلال الاتفاق المسبق مع المرشحين للوزارة بأن أولويات المرحلة الراهنة تقتضي التركيز على جعل عملية تنفيذ هذه الخطط هو على رأس عمل وبرنامج هذا الوزير، وهنا قد يكون فرصة دخول بعض الفاعلين المشاركين في الورش الملكية مؤخراً متاحة لضمان فهم أكبر لمتطلبات الإصلاح وضمانة عالية للتنفيذ والالتزام بما ورد فيهما من بنود تتطلب الإنجاز وفق ما هو متفق عليه.
الحكومة التي ستنفذ متطلبات الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري بأمس الحاجة لروح جديدة، تكون أكثر انسجاماً فيما بينها وبين الرئيس، والتفاهم المشترك على هدف محدد للمرحلة المقبلة، والتأسيس لمرحلة جديدة في شكل الحكومات العابرة المرتبطة ببرامج إصلاحية ضمن مدد زمنية وأهداف محددة، تأخذ وقتها الكافي للتنفيذ، حتى محاسبتها وفقاً لمعايير الأداء.
التعديل الوزاري منطقي للغاية في هذه المرحلة للاستعداد للانطلاق نحو مرحلة جديدة، خاصة بعد استنفدت هذه الحكومة بفريقها قواها في مرحلة التحضير المسبق لبرامج الإصلاح وتهيئة الفرص الممكنة لتنفيذها خلال المرحلة المقبلة.