تاريخيا انشغل الانسان باحصاء وفيات ومصابي الحروب.
في الحربين العالميتين الاولى والثانية فقد ملايين البشر أرواحهم.
و في حربي امريكا في افغانستان وفتينام هدرت ارواح ملايين البشر.
و في حرب العراق الاولى والثانية سالت دماء ملايين العراقيين الابرياء.
و في حرب اليمن الاهلية مازال شلال الدم متدفقا.
في الحروب تذهب ارواح سهوا، وتذهب دون قصد، وتذهب عبثا وانتقاما.
في تاريخ الموت، لربما ان الحروب هي الوحش الاكبر.
و لكن، كم سحقت ارواح بسبب كوارث طبيعية وكوارث بشرية ووبائية، فيضانات وزلازل وبراكين، وانهيار مبان وعمارات قديمة، وانهيار جسور، وحوداث سير وطيران، وغيرها.
شريط الاخبار يوميا لا ينقطع عن نقل اخبار مأساوية عن كوارث وضحايا لكوارث.
وفي التاريخ الفايروسات والامراض المعدية غيرت وجه العالم، واحدثت انقلابات وتحولات كبرى، ولربما كان تأثيرها بنيويا اقوى من الحروب.
سقطت حضارات ودول، وهجرت شعوب، واحتلت بلدان، واختفت قارات وهمشت عن اطلس العالم، وذلك بفعل فايروس ومرض معد.
و هذا ما احدثته كورونا في العالم الجديد، ومن قبلها، كان الطاعون والفايروس الاسباني والحمى والجدري، وامراض فايروسية كثيرة.
لم يفكر مؤرخ يوما ان يكتب عن كوارث الطبيعة والبشرية.
لم يفكر مؤرخ ان يكتب كم عمارة وبناية انهارت في اوروبا بالقرن العشرين مثلا ؟
وكم انهار جسر وطريق وفيضان وغرق مدن، وحوداث سير وطيران ؟!
الحوادث ليست حالة طارئة واستثنائية، الموت بفعل الاهمال والعبث هو طبيعي وحقيقي.
فماذا نسمى اذن الحوادث التي نسمع عنها يوميا ؟
حوداث انهيارات المباني والتسمم الغذائي تسربت حديثا الى الاردن.
كنا نسمع اخبارها من وسائل اعلام عربية، ونشاهدها في الافلام المصرية في زمن الانفتاح في عهد انور السادات ومحمد مبارك.
و نصاب بالدهشة، والسؤال المستحيل، هل معقول ان هذه الحوداث تقع في بلد ما ؟
واما اليوم فاصحبت روتينا اخباريا، وجزءا من التغطيات الصحفية المتواصلة في بلادنا.
و حتى الاخبار الثقافية والفنية والسياسية، صرنا نسمع العجب العجاب.
في مهرجاني جرش والفحيص الصدارة الصحفية كانت لخبر انقطاع التيار الكهربائي، وفيضان الصرف الصحي والمجاري، وهوشة الكراسي، وسقوط عمود كهرباء، وحوادث مأساوية.
صحفي اجنبي، قال لي : انه يلاحظ ان الاردن يتراجع الى الوراء، وكما لو ان حلم الاردن الحضاري باللحاق في ركب ماليزيا وسنغافورة قد تقهقر وتراجع،و عاد الى الخلف در.
الصحفي يشبه ما يحدث في بلدان عربية ومنها الاردن اشبه بانهيارات.
و في الاخبار فان خبر العمران والتشييد والبناء والنهوض قد اختفى، والناس تحتفل في رفع انقاض وانهيارات عمارات، وحوداث كارثية شبه يومية.
و بانتظار من يبادرون الى احصاء خسائرنا الاردنية والعربية التي سقطت سهوا من حوداث وكوارث بفعل الطبيعة واهمال، وعبث الانسان.