زاد الاردن الاخباري -
بين توقعات بارتفاعات متتالية وآمال في استقرار سعره بات سعر صرف الجنيه أمام الدولار هو سؤال الساعة في مصر نظرا لما يرتبط به من انعكاسات على الأسواق والبنوك والسلع المستوردة ومدى توافر مدخلات الإنتاج والمواد الخام في السوق المصري الذي يعاني، وفقا لخبراء، من عجز في كثير من السلع نظرا لأزمة الدولار التي تعاني منها الأسواق.
وقال هاني جنينة، الخبير الاقتصادي والمحاضر بكلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في مصر إن: "السوق يعاني من نقص كبير في الدولار، وتبعا لذلك فإن كثيرا من البضائع مكدسة في الموانئ تنتظر الإفراج عنها لدخول الأسواق، وفي تلك اللحظة يتابع الجميع سعر صرف الدولار أمام الجنيه، وما يتبعه من نتائج ذات صلة مباشرة وفورية على السلع والمنتجات".
وأضاف في حديث لموقع "الحرة" أن "سعر الدولار مقابل الجنيه حاليا في السوق الموازية يعادل 22 جنيها، وأيضا باستخدام طريقة تعادل القوى الشرائية فالسعر يتراوح بين 22 و23 جنيها بخلاف السعر الرسمي في البنوك والذي يقارب 20 جنيها، وأتوقع أن نصل للسعر المستقر الذي يتراوح بين 22 و23 جنيها خلال عدة أسابيع ربما تصل إلى شهرين حسب نتائج مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي حول القرض الجديد الذي تريد القاهرة الحصول عليه".
وعن علاقة قرض صندوق النقد الدولي الذي تتفاوض عليه مصر باستقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار قال جنينة: "في حالة الحصول على القرض ستكون هناك وفرة في الدولار في الأسواق بشكل يعادل إلى حد ما بين معادلات العرض والطلب وبالتالي سيكون هناك استقرار في السعر، كما أن المنطقي أن تكون المفاوضات حول قرض قيمته 10 مليارات دولار حتى يكون هناك نتيجة إيجابية له على الأوضاع الاقتصادية في مصر"، مستبعدا أن يكون التفاوض على قيمة قرض أقل من قيمة 10 مليارات دولار.
وأوضح أنه "بدءا من عام 2023 وحتى عام 2028 أو 2029، ستكون هناك التزامات على مصر تقدر بـ19 مليار دولار لصندوق النقد الدولي تتمثل في أصل قرض الـ12 مليار دولار الخاص ببرنامج عام 2016، بالإضافة لقرض الـ8 مليار دولار الخاص بعام 2020".
ويوضح أنه "بالتالي، فإن التزامات مصر خلال تلك الفترة ستكون أكبر من قيمة القرض الذي ستحصل عليه بعد انتهاء التفاوض حاليا والتي لا يتصور أن تكون قيمته أقل من 10 مليارات دولار".
وعن المفاوضات الحالية بين مصر وصندوق النقد الدولي ومدى فاعليتها قال إن "المؤشرات بين الحكومة المصرية والصندوق تسير بشكل جيد وفق ما أعلنه مسؤولو الصندوق في الشرق الأوسط وكذلك الحكومة المصرية".
وتوقع أن تنتهي المحادثات قريبا "لأن التفاوض حاليا، وفق حالات مماثلة في دول أخرى، سيكون على بندي تحري سعر الصرف الذي لن تكون فيه خلافات كبيرة، وبند الدعم وهو الذي يمكن أن تكون حوله نقاشات مستفيضة بين الجانبين نظرا لآثاره الكبيرة".
البدائل صعبة
وفي حالة عدم إتمام المفاوضات بالحصول على قرض صندوق النقد الدولي يرى جنينة أن "البدائل ستكون صعبة للغاية ونتائجها أقسى من نتائج قرض الصندوق أيا كانت، لأن هذا معناه تطبيق سياسة تقشف شديدة فيما يتعلق بالدولار لتلبية احتياجات السلع الأساسية والتزامات الحكومة من الدولار ما سيؤثر على جميع القطاعات فيما عدا هذين القطاعين بما له من نتائج باهظة الثمن، والأزمة الحالية التي يعاني منها السوق في مصر جزء كبير منها يرجع إلى تطبيق جزئي لتلك السياسة حتى تنتهي مفاوضات صندوق النقد الدولي".
وعن سبب تفاقم هذه الأزمة قال إن "الجانب الأكبر يتعلق بالإنفاق الحكومي في أمور وبنود على الرغم من كونها ضرورية وملحة، لكنه تم دون تحوط من وقوع صدمات، ومع وقوع تلك الصدمات وأهمها أزمة كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية بدت الأزمة أكثر وضوحا، بالإضافة إلى أن هناك أزمات اقتصادية متوارثة، منها مثلا 5 مليون موظف حكومي بالجهاز الإداري للدولة من ستينيات القرن الماضي يكلفون الحكومة أعباء طائلة دون عائد إنتاجي ملموس في الناتج القومي".
أزمة السلع المستوردة
من جهته، يؤكد أحمد شيحة، عضو شعبة المستوردين في اتحاد الغرف التجارية المصرية، لموقع "الحرة" أنه "لدينا عجز في السلع تامة الصنع ومدخلات الإنتاج والقطاعات التجارية والطبية والغذائية والصناعية بنسب متفاوتة، لأن كل ما يتعلق بالاستيراد متعلق بالدولار ومدى توافره وسعر صرفه أمام الجنيه".
وأوضح أنه "نظرا لقلة الدولار، تتجه الأولويات إلى سلع الأكل والشرب والدواء وما عدا ذلك يدخل في قوائم انتظار وفقا لأولويته من جميع القطاعات الأخرى، وهناك ما يقارب 50 في المئة من احتياجات السوق غير متوافرة لأن لدينا ما يقارب 80 في المئة من احتياجات الأسواق بمختلف قطاعاتها ودرجاتها تستورد من الخارج سواء كسلع نهائية أو مدخلات إنتاجية أو مواد خام أو غيرها".
وأضاف "وبالتالي في ظل عدم توافر الدولار، وبعض الإجراءات المطلوبة لاستيراد السلع مثل تراخيص المخازن وتحديد القيم الجمركية يتبقى السلع في الموانئ، سواء داخل مصر أو في الدول المصدرة، حتى انتهاء الإجراءات وفتح اعتمادات مستندية لإتمام دخول السلع إلى الأسواق".
وعن علاقة سعر الدولار بتلك الأزمة، قال: "كلما زادت قيمة الدولار أمام الجنيه تزداد معه تكاليف الاستيراد سواء من الأسعار الأساسية للسع أو الأسعار المرتبطة بالعمليات الاستيرادية من شحن وجمارك وغيرها وكلها يتم دفعها بالدولار، ولذلك فإن ثبات سعر الدولار مهم للغاية في كل مراحل عمليات الاستيراد".