قراءة شاملة لواقع الحال العربي والدولي، بوضع الحقائق على طاولة البحث الدولية، مع تقديم حلول عملية ورؤى واضحة لتحديات المرحلة التي باتت في معظمها تأخذ صفة «التدويل» فكثير منها لم يعد مقتصرا على دولة دون الأخرى، فقد أخذ خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني أمس في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والسبعين، عيون الاهتمام الدولية وبوصلة خططهم نحو قضايا جوهرية وملفات في حسمها حلول للكثير من مشاكل وتحديات المرحلة.
خطاب جلالة الملك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والسبعين، يحمل من الزخم والثراء ما يجعله مرجعية هامة ونموذجية ليبدو العالم أقل مشاكل وتحديات، تحديدا في تلك الخاصة بالسلام ومواجهة تحديات الأمن الغذائي والتنمية والشباب وتكافؤ الفرص على مستوى دولي، فقط منح جلالته العالم رؤى واضحة للوصول إلى نهج عمل لكافة هذه القضايا التي تدور في دائرة البحث عن حلول منذ سنين.
جلالة الملك ومن جديد يضع القضية الفلسطينية أولوية دولية، ويربط حلّها باستقرار المنطقة والعالم، ويوجّه العين الدولية لها، في ظل تأخير درجة الاهتمام بها نظرا لتعدد تحديات المرحلة، فكان أن أعادها جلالته في خطابه أولوية وقضية مركزية، وبكل وضوح قال جلالة الملك «وأما في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فلا يزال السلام بعيد المنال»، نعم هو السلام الذي لم يتحقق، فيما أكد جلالته أن الحرب ولا الجهود الدبلوماسية لم تقدم « إلى الآن حلا لإنهاء هذه المأساة التاريخية. وهنا فلا بد من أن تعمل الشعوب قاطبة، لا السياسة أو السياسيون خاصة، على الضغط باتجاه حل هذا الصراع من خلال قادتها»، وفي ذلك رؤى ملكية بضرورة انهاء هذا الصراع بصورة عادلة وهي الثوابت الأردنية التي طالما أكد عليها جلالته.
فيما تحدث جلالته عن وضع الأنروا، والجهود الأردنية التي تبذل لإبقائها مطالبا «المجتمع الدولي أن يبعث رسالة قوية في دعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين، لضمان توفير التعليم والخدمات الصحية، وخاصة للأطفال» هي أيضا رسالة ملكية لدول العالم بأهمية الأنروا وضرورة ايجاد حلول لوضعها المأزوم حتى يحمي العالم حقوق الفلسطينيين المقدمة لهم من وكالة الغوث فهي حقوق في استمراريتها حياة لشعب يواجه محتلا بظروف سيئة.
وفي رسالة هامة تضمنها خطاب جلالة الملك قال جلالته «المسيحية جزء لا يتجزأ من منطقتنا والأراضي المقدسة»، وهي رسالة واضحة ومباشرة تتحدث عن دور ربما أسقطه الكثيرون وغاب عن أذهان كثيرة، لكن جلالته يمنح يضعهم في المكان الذي يجب أن يكونوا بهم، مع تأكيد بأنهم جزء لا يتجزأ من المنطقة ومن الأراضي المقدسة، التي تعيش تحت مظلة الوصاية الهاشمية في القدس.
خطاب مهم بحرفيّة المعنى، تناول كافة تفاصيل المرحلة، أكد به جلالته أن لا مكان للكراهية، وأن لا يمكن لبلد أن يزدهر إذا لم يكن الغذاء متوفرا بكلفة مناسبة على مائدة كل أسرة، وعن تحفيز الفرص الجديدة والنمو، وأكد جلالته أن الأردن نقطة ربط حيوية للشراكات الإقليمية والعمل للتصدي للأزمات الدولية، كلها قضايا وملفات بحجم فرص وتحديات المرحلة، وفي قراءتها وتطبيقها سيكون واقع الحال أكثر ايجابية وسلاما وعدالة.