وضعت الحرب أوزارها حول قانون الطفل وبنتيجة متوقعة هي اقرار القانون في مجلس النواب بعد تعديلات سحبت البساط من تحت الذرائع والتأويلات التي كانت ذخيرة المهاجمين.
نفذت الذخيرة وسكتت المدافع فور الانتقال الى النقاش الجاد حول تفاصيل القانون في اللجنة النيابية وتمحيص كل فقرة ودلالاتها وأي تعديلات مقترحة عليها. ولما كان الاعتراض يقوم كله على تأويلات وافتراضات ذهنية متخيلة لبعض المواد فقد تم استدراكها بإضافات أو حتى مجرد تقديم وتأخير بعض العبارات، فمثلا بدل ان تكون عبارة «مع مراعاة القيم الدينية والاجتماعية» في نهاية الفقرة اصبحت في مقدمتها.
التعديلات لم تغير شيئا في القانون سوى وضع عبارات تطمينية تقطع الطريق على اي تأويلات شيطانية مثل الأدعاء بأن القانون يعطي الحق للطفل بتغيير جنسه او دينه او التمرد على سلطة الأبوين والقيم والاعراف! والذين صنعوا الحملة الظالمة على القانون يعرفون ان هذا افتراء وأن كل بند في القانون يتوافق مع الاتفاقية الدولية التي وقع عليها الاردن ويلتزم بها مع مختلف دول العالم بما في ذلك الدول العربية والاسلامية ومنها السعودية بإستثناء المواد المتحفظ عليها من هذه الدول. والحقيقة ان القوى الديمقراطية والتقدمية كان لديها ايضا تحفظات وتريد تحسين القانون لصالح الأطفال والأسر الأردنية لكن هذا الجهد تعطل بسبب أولوية الدفاع عن القانون المعرض للإجهاض ضد التشويهات والشيطنة الظالمة التي تعرض لها. وفي الاثناء مرّ تعديل أثار استياء القوى التقدمية والنساء باستبدال عبارة «والديه « في البند الذي يتحدث عن تمكينهم من المشاركة في القرارات المتعلقة بوضعه الدراسي بعبارة «وليه» وهو ما يعني استثناء الأم من هذه المسؤولية حتى مع غياب الأب وهو أمر غير منطقي بالمرة ويتناقض مع واقع الحال الذي نعيشه جميعا وهو ان الأم هي التي تتابع الشؤون المدرسية خصوصا في المراحل الأولى.
في الواقع تم اختيار هذا القانون لفتح معركة ليّ ذراع مع الدولة لاعادة موازين القوى القديمة وفرض القوة التفاوضية لاحد التيارات بعد أن تعرض للتحجيم ومني بسلسلة انتكاسات انتخابية لكن هذه المعركة مثلت انتكاسة - نأمل ان تكون عابرة - في نهج هذا التيار. فهناك مخاوف من إحياء نهج افترضنا أن التيار تركه خلفه بل ونفترض أن كل القوى السياسية والثقافية تركت ويجب ان تترك مربع القذف والتقاذف بالظنون والتهم والتخويف من عدو مفترض ومؤامرة وراء الباب « كل ما طق الكوز بالجرة». يجب التحول الى المبارزة بالأفكار ووجهات النظر حول السياسات والمقترحات والأفكار الملموسة في الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولعل مشروع التحديث السياسي يستهدف ويجب ان يستهدف هذا الأمر بالذات .. تحديث ثقافة وأخلاق الممارسة السياسية.