لم يكن للمرأة الإماراتية لتحقق تلك المكانة لولا إدراك واقتناع القيادة الحكيمة في الإمارات منذ عهد مؤسس الإمارات الحديثة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "رحمه الله تعالى "، ومن بعده الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان " رحمه الله" وصولا لعهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، رئيس دولة الامارات، بأهمية دور المرأة في المجتمع كشريك وليس تابعًا للرجل في مسيرة النهضة والتنمية، وترجمة هذا الإقتناع بدور المرأة إلى سياسات عملية على أرض الواقع، تحقق للمرأة مكاسبها وإنجازاتها.
وسعى الشيخ زايد منذ عصر التأسيس وقيام الإتحاد إلى دعم المرأة الإماراتية، وتعزيز دورها الحيوي في بناء الوطن وتحقيق المشاركة النسائية الإيجابية الفاعلة في التنمية المستدامة، وهكذا استطاع " الشيخ زايد " أن يسبق عصره في رعاية المرأة إنطلاقًا من قناعة فكرية بأن مجتمع دولة الإتحاد لا يمكن أن ينهض ويتطلع للإمام بعين واحدة.
وعاشت المرأة الإماراتية نهضة تنموية على جميع الصعد شهد لها القاصي والداني رافقتها تحولات نوعية في مسيرتها في شتى مجالات الحياة، فازدهرت عطاءاتها في عهد الشيخ زايد، و واصلت هذه المسيرة خطواتها الموزونة والواثقة وبمزيد من الرقي والتقدم في ظل قيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان " رحمه الله " وصولا لقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
ويعتبر برنامج التمكين السياسي للمرأة الذى تبناه المؤسس الكبير أحد أهم ملامح مسيرة المرأة الإماراتية، وساند من خلاله حقوق المرأة في شغل أعلى الدرجات الوظيفية ومواقع اتخاذ القرار ومعترك العمل السياسي.
وقد حققت المرأة الإماراتية إنجازات سياسية وأمنية من منطلق فكر الشيخ زايد، وبناء على توجيهاته، حثت الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي الإماراتي العام، إبنة الإمارات على إقتحام مختلف مجالات العمل "القوات المسلحة ـ الطيران ـ وسائل الإعلام".
كما حققت الشرطة النسائية الإماراتية قفزات نوعية منذ تأسيسها عام 1978، ونجحت في إستقطاب بنات الوطن إلى العمل في المؤسسة الشرطية بعد تأهيلهن وإعدادهن للقيام بمهامهن وواجباتهن الشرطية، ثم أسست مدرسة خولة بنت الأزور عام 1990، وما زالت تواصل تخريج بنات الوطن حتى يومنا هذا .
ومنذ قيام إتحاد الإمارات عمل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على دعم المرأة الإماراتية بشتى الوسائل والإمكانات، حيث أمر بتأسيس "جمعية نهضة المرأة الظبيانية" عام 1973، ثم "الاتحاد النسائي العام" عام 1975، والذي شكل الشعلة التي أضاءت مسيرة المرأة ومازال المنبر الذي تعتليه ليكون صوتها مسموعًا لدى الجميع، وأسند هذه المهمة لـ "أم الإمارات" الشيخة فاطمة بنت مبارك، التي استلهمت فكر " الشيخ زايد "، وقادت مسيرة عمل المرأة الإماراتية صوب دروب التميز والفخر والعزة والإرتقاء .
وأصدر الشيخ زايد في نهاية شهر يوليو 2003 مرسومًا إتحاديًّا بإنشاء المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الذي يهدف إلى الإرتقاء بمستويات الرعاية والعناية بشئون الأمومة والطفولة، ويتبع مباشرة لرئيس الإمارات.
وجاء إنشاء هذا المجلس بمبادرة من "أم الإمارات" الشيخة فاطمة بنت مبارك، التي انطلقت دعوتها لإنشائه في بداية العام 2002 لأهميته في إعلاء دور الأم في إعداد الأجيال القادرة على العطاء الوطني، ومضاعفة جهود الإهتمام بالطفولة ورعاية حقوق الأجيال المتعاقبة من الأطفال، وترسيخ القيم الأخلاقية التي تجسد مكانة الأم ودورها في المجتمع .
لقد قاد الشيخ زايد نهضة علمية إجتماعية إقتصادية فيما يخص المرأة في الإمارات، فهو صاحب فكرة صندوق الزواج وراعيها خلال سنوات حكمه ودعا إلى عمل المرأة واعتبارها مشاركة للرجل في كل مجالات الحياة، ووقف ضد غلاء المهور، ودعا إلى تعليمها، وتوفير العناية الصحية لها وصون حقوقها والحرص على تأهيلها فكريًّا وعلميًّا وثقافيًّا وتربويًّا واجتماعيًّا .
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي