زاد الاردن الاخباري -
دخلت الأزمة الدبلوماسية بين تونس والمغرب منعطفا جديدا، بعد انسحاب الرباط من ورشة تستضيفها تونس، احتجاجا على مشاركة وفد من جبهة البوليساريو، في حين أشار مراقبون إلى أن الحادث قد يعقد الأزمة المستمرة بين البلدين منذ مشاركة رئيس الجبهة في مؤتمر دولي بتونس نهاية الشهر الماضي.
وقرر المغرب الانسحاب من المنتدى الدولي لـ"مخيم العدالة المناخية" المنعقد في تونس احتجاجا على وجود البوليساريو، وفق ما نقل موقع "LE360"المغربي.
من جانبها نقلت الوكالة التابعة لجبهة البوليساريو أن "الوفد الصحرواي المشارك في فعاليات "مخيم العدالة المناخية" المنظم بتونس في الفترة من 25 إلى 29 سبتمبر الجاري قدم ورشة بعنوان "تغير المناخ تحت الاحتلال: الغسيل الأخضر للاحتلال في الصحراء الغربية".
وأكدت وكالة البوليساريو بدورها انسحاب المغرب، فهل تزيد الخطوة من توسيع الهوة والخلاف الدبلوماسي بين تونس والمغرب.
ويرى المحلل السياسي التونسي، بسام حمدي، في حديث لموقع "الحرة" أن "الأزمة الدبلوماسية بين تونس والمغرب ستتفاقم بعد مشاركة وفد من البوليساريو في "مخيم العدالة المناخية" المنعقد بمدينة نابل التونسية، مقابل انسحاب وفد المغرب الذي اعتبر هذه المشاركة تأكيدا لانحياز تونسي إلى جبهة البوليساريو وإلى الموقف الجزائري".
والشهر الماضي، استدعى المغرب سفيره لدى تونس وألغى مشاركته في ندوة "تيكاد" اليابانية الأفريقية في تونس العاصمة، وذلك بعيد استقبال الرئيس التونسي قيس سعيّد زعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي، على غرار رؤساء دول وحكومات آخرين حضروا القمة، وتحدث معه في القاعة الرئاسية بالمطار.
لا خطأ دبلوماسي ارتكب
وينفي المحلل السياسي التونسي، عائد عميرة، في حديث لموقع "الحرة" أن يكون "ما حصل في تونس ومشاركة مجموعة من البوليساريو في منتدى دولي لـ"مخيم العدالة المناخية"، خطأ دبلوماسيا، ذلك أن تونس لم تستدع أي وفد رسمي يمثل جبهة البوليساريو لحضور هذا المنتدى".
ويوضح عميرة أن "ما حصل أن مجموعة تُحسب على هذه المنظمة قد اندست ضمن وفد دولة أخرى وحضروا المنتدى دون الإعلان عن صفتهم، وكانوا يستعدون لتنظيم ورشة تقدم طرحهم لملف الصحراء الغربية المتازع عليها".
وتابع عميرة أن "هذه المجموعة أرادت استغلال المنتدى للترويج لأطروحتها بين مئات المشاركين الممثلين لأكثر من 60 دولة ضمن المنتدى، وهي ليست المرة الأولى التي تعمد فيها مجموعة من البوليساريو على فعل هذا، وقد حصل نفس هذا الأمر سنة 2013 عند احتضان تونس للمنتدى الاجتماعي العالمي، وحاولت البوليساريو حينها تنظيم ورشات للترويج لأطروحتها".
وتشدد تونس على أنها تحافظ "على حيادها التام" إزاء النزاع في الصحراء الغربية وهو "موقف ثابت لن يتغير إلى أن تجد الأطراف المعنية حلا سلميا يرتضيه الجميع"، وفق بيان سابق لوزارة الخارجية التونسية.
وتذهب المحللة المغربية، شريفة لومير، إلى أن "الأفعال التي تقوم بها تونس تزيد من عمق الهوة التي أصبحت بين البلدين و هو الأمر الذي يستدعي من تونس الخروج بوجه مكشوف حول موقفها من قضية الصحراء وإعلان اصطفافها الحقيقي عوض القيام بأفعال خطيرة تمس السيادة المغربية واتباعها بتبريرات هشة".
واعتبرت لومير أن "تونس تحاول جر المغرب إلى أزمة دبلوماسية بكل هذه الأفعال الغير مبررة".
ويستبعد للمحلل التونسي عائد عميرة أن تتفاقم الأزمة، ذلك أن "المغرب على يقين أن ما حصل غير متعمد من تونس ولا يعني اصطفافا مع أي جهة بدليل إلغاء الورشة مباشرة حين عُلم بصفة منظميها".
ويدور منذ انتهاء الاستعمار الإسباني للصحراء الغربية نزاع حول مصيرها بين المغرب وبوليساريو المدعومة من الجزائر، وتصنّف الأمم المتحدة الإقليم الصحراوي الشاسع من بين "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي".
وفي خطوة مفاجئة الشهر الماضي، استقبل قيس سعيد زعيم البوليساريو، إيراهيم غالي للمشاركة في قمة أفريقية يابانية، دون أن تعلن تونس بشكل رسمي أي تغيير في موقفها من النزاع.
ويقول المحلل التونسي، بسام حمدي، "في الحقيقة لا توجد مؤشرات دبلوماسية توحي بانفراج الأزمة ويبدو أن الطرفين يتجهان نحو التصعيد"، مشيرا إلى أن "السبب الرئيسي في هذه الأزمة أعمق من مشاركة وفود البوليساريو في المؤتمرات الإقليمية والدولية التي انتظمت بتونس، بل أنه ناتج عن اختلافات بين البلدين بشأن مسألة التطبيع مع إسرائيل خاصة بعد وصول قيس سعيد إلى قصر الرئاسة بقرطاج".
ويرى حمدي في حديثه لموقع "الحرة" أنه "بسبب تقارب وجهات النظر بين الرئيس التونسي قيس سعيد والرئيس الجزائري في الكثير من القضايا العربية والإقليمية، ترى المغرب أن تونس انحازت للموقف الجزائري في قضية البوليساريو والحال أن سعيد له موقف ذاتي من المغرب إثر تطبيعها مع إسرائيل".
وقال موقع "LE360" إن الوفد المغربي المشارك في الورشة انسحب على الفور، واحتج لدى المنظمين الذي قاموا بإلغاء برمجة ورشة العمل التي كان موضوعها "تغير المناخ في ظل الاحتلال- التبييض البيئي".
وتقع الصحراء الغربية على ساحل المحيط الأطلسي، وتبلغ مساحتها 266 ألف كلم مربع وهي غنية بالفوسفات وساحلها الممتد على طول ألف كلم غني بالأسماك.
وتطالب "الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب" (البوليساريو) مدعومة من الجزائر بإجراء استفتاء لتقرير مصير هذه المنطقة. وأقرّت الأمم المتّحدة هذا الاستفتاء في 1991 عندما وقّعت الرباط والبوليساريو وقفاً لإطلاق النار بينهما.
أمّا المغرب الذي يسيطر على ما يقرب من 80 بالمئة من المنطقة الصحراوية الشاسعة والغنية بالفوسفات والموارد البحرية، فيقترح منحها حكماً ذاتياً تحت سيادته.