مكرم أحمد الطراونة - انتهى باب انتقال الطلبة من المدارس الخاصة إلى الحكومية نهاية أيلول. الرقم الأولي يتحدث عن أكثر من 35 ألف طالب وطالبة، فيما تمتلئ قوائم الانتظار بالأسماء.
في كل عام نتحدث عن الموضوع ذاته وعن تبعاته العديدة وأسبابه ومبرراته، من دون أن يستطيع المخططون إيجاد حل مناسب لهذه الأزمة المستعصية، بينما الخاسر الأكبر هو الطالب الذي قد لا يجد له مقعدا يأويه، أو أنه يضطر إلى الانضمام إلى غرفة صفية مكتظة، محشورا مع أكثر من أربعين طالبا آخرين، وعندها يمكن لنا أن نتصور أي تعليم سوف يتلقاه في مثل هذه الظروف!
الحل الآخر، هو أن يضطر إلى الذهاب لنظام الفترتين، وهو نظام يتنافى مع أبسط أسس العدالة في التعليم، ومع أبجديات حقوق الانسان في توفير بيئة تدريسية ملائمة وصحية ذات جودة مقبولة. وقد رأينا الأزمة التي أوجدها هذا النظام؛ الصباحي والمسائي، لطلبة التوجيهي، حيث امتنعت طالبات من دخول غرفهن الصفية احتجاجا على تحول مدرستهن إلى نظام الفترتين، مبررات ذلك بأن النظام سيكون “سببا في إخفاق بعضهن بامتحانات التوجيهي، أو انخفاض تحصيلهن العلمي”.
هذا أمر لا بد أن نوافقهن عليه، فهن محقات في ذلك، خصوصا أن صف التوجيهي هو حصاد 12 عاما كاملا من التعليم، وكل طالب يتوق إلى أن تتوافر له بيئة ملائمة للتحصيل والمنافسة العادلة. لكن، لا يمكن أن تتحق العدالة عندما ينتهي دوام الطالب عصرا، فيما يكون غيره قد عاد إلى منزله، وأخذ قسطا من الراحة قبل أن يباشر الدراسة.
ماذا الذي يمكن أن تقوله وزارة التربية والتعليم عن ذلك، بما يحمله من إجحاف في حق نسبة من الطلبة؟
تابعنا التصريحات اليومية للوزارة، لكننا لم نجد أي جديد في حديثها، فهي “تعلق” سبب لجوئها إلى نظام الفترتين في كونها تريد “استيعاب الطلبة الجدد الذين انتقلوا من القطاع الخاص إلى المدارس الحكومية”، إضافة إلى رغبتها في “مواجهة الاكتظاظ الذي تعاني منه بعض المدارس”، وأن الحل الذي لجأت إليه “ليس خيارا مثاليا، لكنه مقبول”!
ونحن، بدورنا، لا نستطيع فك “طلاسم” هذا اللغز، فكيف تقرر الوزارة أنه خيار مقبول، في حين تؤكد أنه ليس مثاليا!! ألا ترى أن هذا الخيار يوقع الظلم الفاحش على نسبة من الطلبة، ويسلبهم فرصا عادلة في التحصيل، في حين ينبغي أن تجتهد في سبيل توفير أجواء مثالية لضمان مخرجات تعليمية بجودة عالية. استهال إيجاد مبررات غير منطقية ولا موضوعية هو سبب ما آلت إليه مؤسسات عديدة من خراب.
قبل حوالي خمسة أعوام، أكدت وزارة التربية والتعليم حاجتها إلى 6 آلاف مدرسة خلال عشرة أعوام، من أجل مواجهة النمو المتزايد في أعداد الطلبة. حتى اليوم، كم حققنا من هذا العدد؟ وهل حدثنا جداولنا ودراساتنا؟ أم أن الحاجة ثابتة عند هذا العدد المعين من المدارس؟!
حين يأتي الأمر إلى التعليم، فنحن لا نسامح أحدا أو جهة، لا وزارة التربية، ولا تبريراتها بنقص المخصصات وضغوط الموازنة العامة التي لا تفي لاستحداث او استئجار مدارس جديدة.
قبل عامين فقط، حذرت دراسة حول التعليم في الأردن، أعدتها منظمة اليونيسف بالتعاون مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي، من “الاستخدام غير الفعال للموارد” حين خلصت إلى أن 93 % من نفقات التربية والتعليم تذهب أجورا، و5 % للسلع والخدمات، و2 % نفقات أخرى، داعية إلى ضرورة تعزيز الوصول لخدمات تعليمية ذات جودة عالية، ولا بأس من التأكيد على أن تحسين بيئة التعليم يقف على رأس تلك الأولويات.
نسأل ببساطة؛ ما الذي فعلته الوزارة بتلك الدراسة. ونسأل بحرقة أكبر: لماذا يتم إجراء الدراسات في الأردن؟