كم هو صعب ان تكون ضعيفاً ويطلبون منك الدفاع عنهم.. ما أصعب أن تكون لاجئاً ويطلبون منك الرحيل .. ما أصعب أن تكون في خيمةٍ ويريدون أن يتقاسموها معك.. كم هو صعب أن تحافظ على هويتك فيتهمونك بعدم الإنتماء.. كم هو صعب أن تعلن ولاءك فيتهمونك بالإزدواجية.. ما أصعب أن تكون مروماً من كل الإمتيازات ويستكثرون عليك الحياة.. ما أصعب أن تلتزم بالقوانين فتتهم بالتسحيج.. كم هو صعب أن تتبنى مواقفهم فيتهمونك بخيانة العيش والملح..
يقال والعبرة بالمعنى لا المبنى أنه في احدى مباريات كرة القدم اضطر الحكم إيقافها بسبب الضباب الكثيف في الملعب، وغادر الجميع أرض الملعب باستثناء حارس المرمى الذي لم ينتبه إلى أن زملاءه غادروا الملعب، وظل الحارس يحرس مرماه متحفزاً ويقظاً لمدة 15 دقيقة قبل أن يأتي أحدهم ليبلغه بقرار إيقاف المباراة، عندها قال حارس المرمى جملته: يحزنني أن ينساني الرفاق وأنا الحارس لهم، وقد ظننت أننا طيلة الوقت كنا نهاجم.. ترى كم بقينا نحرس ظهوراً غادرتنا منذ اللحظة الأولى.. كم حمينا ظهوراً بالغياب دون مطامع وغدر وخيانة.. كم جهلنا ذواتنا ونسينا أنفسنا لأجل المبادئ والمواقف والأخلاق..
وقالها نيتشة ذات وجع « لا تقع ضحية المثالية المفرطة وتعتقد بأن قول الحقيقة يقربك من الناس، الناس تحب وتكافئ من يستطيع تخديرها بالأوهام، فمنذ القدم والبشر لا تعاقب إلا من يقول الحقيقة، وإذا أردت البقاء مع الناس، شاركها أوهامها، فالحقيقة يقولها من يرغبون في الرحيل».
إنه وقت اللزوجة في المواقف والمبادئ، هناك ردّة أخذت شكل موجات تسونامي ثقافية وفكرية وأدبية، موجات على شكل متتابع تكاد تجرف كثيراً من الواقع المعتاد عليه منذ أجيال وأجيال.
ثمة شعبويات رخيصة تتسلق مشاعر وأحلام البسطاء والعوام ، تتبنى الارتجالات المتسرعة والمزايدة على الآخرين طلباً لشعبوية مزيفة مشبوهة ولو كانت على حساب المصلحة العامة الفعلية.
هذا الارتجال للحلول يكلف الوصول إلى المجهول. لقد قيل إن حشد العقلاء أمر معقد للغاية، لكن حشد القطيع لا يتطلب سوى راعٍ وكلب.
من الصعب أن تظل طيلة الوقت ومع الجميع في وجهك المعروف، من الصعب أن تدلي برأيك كاملاً مكتملاً دون أن تتقاذفك أمواج الإدانة والإتهام، من الصعب أن تنساق وراء الجموع هكذا كما لو أنك بلا أدنى إرادة، من الصعب أن تكون سهلاً أو تكون صعباً، واضحاً أو غامضاً، منفتحاً أو منغلقاً.
حقاً إنه من الصعوبة بمكان أن تكون .