ذكرى مولد المصطفى الرسول الأعظم محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، الذي يصادف اليوم، ليس مجرد ذكرى عابرة كما أي مناسبة، لأنها ذكرى ميلاد أمة بعث الله نبيها «رحمة للعالمين « - وليس للمسلمين فقط -، ذكرى أمة باقية الى أن يرث الله الأرض ومن عليها، حتى ولو مرّت بأحلك الظروف، ولو تداعت علينا الأمم « كما تداعى الأكلة الى قصعتها «... ذكرى مولد رسول الهدى، مدعاة لمراجعة حال الأمة في عام تمرّ بنا الذكرى لنعتبر ونستمد من صاحب الذكرى العطرة العزيمة والارادة لاستنهاض الهمم كي تبقى هذه الامة - كما وصفها جلّ وعلا في كتابه الكريم - « كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر».
تمرّ بنا الذكرى ، ومسرى رسول السلام يئنّ تحت نير الاحتلال، وتواصل فيه قطعان المستوطنين اقتحاماتها للاقصى، ويواصل خلالها الاحتلال انتهاكاته اليومية واعتداءاته على المصلّين.. غير عابئين بقدسية المدينة المقدسة لكل الاديان السماوية، ولولا الوصاية الهاشمية، والجهود الملكية السامية المتواصلة للحد من الاجراءات الاحادية الجانب على المدينة المقدسة من الاحتلال الاسرائيلي لكان حجم الاعتداءات أكبر ليس فقط على المقدسات الاسلامية بل والمسيحية وهذا ما حذّر منه جلالة الملك عبد الله الثاني ( ينتمي جلالته إلى الجيل الثالث والأربعين من أحفاد النبي محمد صاحب الذكرى العطرة ) من على منصة الامم المتحدة في دورتها الـ» 77» منذ أسابيع، حين قال وبكل وضوح : « ملتزمون بالحفاظ على الوضع القائم بالقدس انطلاقا من الوصاية الهاشمية «، محذرا جلالته من أن مستقبل مدينة « القدس» مصدر قلق ملحّ لمدينة المليارات من اتباع الديانات السماوية حول العالم، وأن لا مكان للكراهية والانقسام فيها، وصولا الى تأكيد جلالته - وبكل وضوح - أنه و» كقائد مسلم «: «ملتزمون بالدفاع عن الحقوق والتراث الاصيل والهوية التاريخية للمسيحيين في منطقتنا، وخاصة في القدس.. « فاليوم المسيحية في المدينة المقدسة معرضة للخطر «.. و» حقوق الكنائس في القدس مهدّدة «..ومذكّرا جلالته بأنّ « المسيحية جزء لا يتجزأ من ماضي منطقتنا والاراضي المقدسة وحاضرها.. ويجب أن تبقى جزءا أساسيا من مستقبلنا «.
ونحن نستذكر ذكرى المولد النبوي الشريف العطرة نستذكر رسالة الاسلام السمحة وقيمه ( والتي عكستها رسالة عمّان.. وحوار الأديان.. ومبادرة « كلمة سواء « ).. رسائل وقيم بنت دولة، وبنت الانسان قبل ذلك، فلم ينتشر الاسلام في آفاق المعمورة الا بحسن الخلق «وانك لعلى خلق عظيم»، لذلك ما أحوجنا في هذا الزمان الذي تراجعت فيه القيم والاخلاق وزادت فيه الفتن والجرائم واستسهال القتل « الهرج والمرج « وحتى الانتحار، وآفات المخدرات.. وغير ذلك من سلوكيات ليست من ديننا ولا من أي دين أو ملّة ، وليست من أخلاقنا ولا عاداتنا او تقاليدنا.. وكلها ظواهر تفتّ من عضد الأمة التي دعا رسولها الى البناء لا الهدم، بناء الامة وبناء البشر وبناء الاخلاق.. فما أحوجنا للعودة الى جادّة الحق كي يستقيم حالنا، فنحن أمة ذات دستور ومنهاج متكامل في كل شيء منذ « اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الاسلام دينا «.. وعنوان الصلاح والفلاح يتلخّص في التمسك بما أوصى به صاحب الذكرى العطرة عليه أفضل الصلاة واتم التسليم : (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وسنتي).