صرخت القدس.. القدس المحتلة، يوم مولد سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلّم، صرخت قبلة المسلمين الأولى، مدينة الإسراء والمعراج، وهي المدينة الأولى التي وطأت جباه المسلمين أرضها سجودا وعبادة لله وحده لا شريك له، صرخت ألما وظلما، وقد قمع الإحتلال الإسرائيلي وشرطته كافة الفعاليات التي أقيمت بها أمس لإحياء ذكرى المولد النبوي، وخرجوا بيوم مليء بالدماء والاعتقالات والاصابات، فيما شهدت باقي الأراضي الفلسطينية سقوط شهداء في يوم خرج به نبي السلام لهذه الحياة.
اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي أمس منطقة «باب العامود» في مدينة القدس المحتلة، بالتزامن مع تنظيم فعالية إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، واعتدوا على المواطنين وعلى مشاركين في عروض لفرق الكشافة، التي جابت شوارع المدينة، لتجعل من هذه الاحتفالات التي تمتاز بها مدينة الإسراء والمعراج عن غيرها من دول العالم، احتفالات تغيب عنها نكهة الفرح وتسودها كل معاني القهر والظلم والتنكيل بيوم يحتفل به العالم بكافة بقاعه، باستثناء زهرة المدائن ومدينة الإسراء والمعراج تُسلب من هذا الحق.
في تغريدة جلالة الملك عبدالله الثاني أمس بمناسبة مولد سيدنا ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام، كتب «اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. في ذكرى مولد الهادي أدعو الله أن يعمّ الخير والطمأنينة والسلام على الجميع. كل عام والأردن والأمتان العربية والإسلامية بألف خير» هو الملك عبد الله الذي يجعل من السلام أساسا للإحتفال بهذه المناسبة كما غيرها، فهو السلام أفضل الأماني وأكثرها أهمية وأكثرها حاجة، وبه يكون للحياة رؤية مختلفة مليئة بطاقة ايجابية وقدرة على ممارسة تفاصيلها.
للأسف غاب السلام عن أرض السلام أمس، وسرقت اسرائيل فرحة الاحتفال عن المقدسيين، كما سرقت أمنهم واستقرارهم، وسرقة وطنهم، غاب السلام الذي يمنح لكل الاحتفالات والمناسبات شعورا يعطي بقيمة المناسبة والاحتفال، لكن المقدسيين لم يسعدوا بذلك وغاب حقهم في الاحتفال بالمولد النبوي كما غاب في الكثير من تفاصيل الحياة الطبيعية، فلم تبق مساحة في مدينة القدس المحتلة أمس إلاّ وشهدت اعتداءات اسرائيلية ومواجهات مع شرطة الاحتلال، ليحتفل العالم برسول الله، ولم تحتفل القدس مدينة الإسراء والمعراج...
صور كثيرة وصلتنا أمس من خلف شاشات هواتفنا والتلفزة، لم تكن سوى محاولات بائسة لتحنيط لحظات ظلم يصر الاحتلال الإسرائيلي على ممارسته بشكل دائم دون انقطاع على الشعب الفلسطيني الأعزل، تحنيط للحظات ستمر مرور النسيان في عقول عالم يصرّ على أن يدير ظهره لما يحدث في فلسطين والقدس، تاركا الأردن وفلسطين وحدهما في ميدان المواجهة والنضال.