سلامة الدرعاوي - بغضّ النظر عما إذا كان رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة سيستمرّ في منصبه سواء إمّا بتعديل وزاريّ موسّع أو بإعادة تشكيل حكوميّ أو حكومة برئيس جديد، فالأمر لم يعد مهمّاً خاصّة في هذه المرحلة تحديداً، فلا بدّ من تجاوز المسألة الشخصيّة والتركيز على ما هو أبعد وأهمّ من ذلك بكثير.
القضيّة الرئيسيّة اليوم هي أنّ الفريق الوزاريّ المعنيّ بقيادة المرحلة المقبلة يتطلّب فيه عوامل رئيسيّة لا بدّ من أن تتحقّق جميعها فيه، فالاتّفاق على أهداف اقتصاديّة وتنمويّة محدّدة يجب أن يكون سائداً بين الفريق الوزاريّ الاقتصاديّ، وهذا يستوجب التفاهم المشترك بين الرئيس والسادة الوزراء قبل التشكيل أو التكليف الرسميّ، فالأمر بحاجة اليوم إلى الروح الجماعيّة في الفريق الوزاريّ للمرحلة المقبلة.
أكبر مشكلة تواجه الحكومات من الداخل هو غياب الانسجام ووحدة الهدف الاقتصاديّ والتنمويّ، فكلّ وزير يعمل بمعزل عن الآخر، وبمعزل حتّى عن البيان الوزاريّ لحكومته، وهذا سببه الرئيسيّ هو أنّ أولويّات كلّ وزير في وزارته تختلف عن الوزير الآخر، ولا يوجد ربط كلّيّ مع أهداف الحكومة الّتي تعلنها في بيانها الوزاريّ.
كثير من الوزراء دخلوا الحكومات وهم لا يعلمون طبيعة أعمال وزارتهم، لا بل إنّ بعضهم تفاجأ حتّى بالحقيبة الوزاريّة الّتي كلّف بها باعتباره كان يطمح أو متّفقاً على حقيبة وزاريّة أخرى، والبعض الآخر دخل وخرج من وزارته وهو لا يعلم تفاصيل هيكلها الإداريّ أو اختصاصها، والسبب في قبوله بهذه المنصب على هذا النحو والشكل هو الرغبة الجامحة في الحصول على لقب “معالي”، هذا اللقب مع كلّ أسف تسبّب بمرض نفسيّ للكثير من الطامعين به.
أيضاً رئيس الوزراء يتحمّل المسؤوليّة الكبرى في اختيار فريقه الوزاريّ، فهناك محدّدات كثيرة تدفع المكلّف بالتعديل أو التشكيل باللجوء لأشكال غير مهنيّة وبعيدة عن الكفاءة والخبرة في اختيار طاقم وزارته، لدرجة أنّ بعض الوزراء المكلّفين يتمّ ترشيحهم قبل ساعة أو ساعتين من أداء القسم.
المنطق وتحدّيات المرحلة تقتضي من رئيس الوزراء الخروج من الآليّات الروتينيّة والطرق التقليديّة في اختيار الطاقم الوزاريّ، وإحداث اختراق إيجابيّ يعتمد على الكفاءات والخبرات والشخصيّات القياديّة الّتي باستطاعتها تحقيق أهداف التغيير المطلوب ومواجهة التحدّيات الراهنة وخاصّة الشعوبيّة منها بجرأة عالية وشجاعة.
المسألة بحاجة إلى برنامج عمل وطنيّ، يكون هو عنوان عمل الحكومة فقط لا غير، ويعرض بشكل مسبق على المرشّحين للوزارة لمعرفة آرائهم فيه وإن كان بمقدورهم تنفيذه أم لا، ومعرفة مواقفهم منه، وقتها فقط سيكون هناك فريق وزاريّ موحّد الهدف، ومنسجم في الأداء والعمل، لأنّ الهدف واضح والقناعة موجودة مسبقاً، وبالتّالي لن نسمع بخروج وزير بتعديل أو غير مقتنع أو حتّى إنّه متفاجئ ببرامج وخطط التنمية.
خطّة رؤية التحديث الاقتصاديّ والأخرى الّتي تتعلّق بالإصلاح الإداريّ، يجب أن تكونا عنوان المرحلة المقبلة للدولة الأردنيّة في مئويّتها الجديدة، ولا يمكن أن تنجح الحكومات في تنفيذهما بالشكل المطلوب وتحقيق أهدافهما التنمويّة الإصلاحيّة طالما بقيت آليّات اختيار الوزراء بالشكل التقليديّ البعيد عن الكفاءة، فالمسألة بحاجة إلى روح جماعيّة وعمل مؤسّسيّ يتجاوز الأشخاص، والانتقال لتنفيذ البرامج والخطط بقناعة تامّة.