مع بدء اجتماعات الخريف السنوية للصندوق والبنك الدولييين في واشنطن - والتي يشارك بها الاردن بوفد يضم كلا من وزير المالية د.محمد العسعس ووزير التخطيط والتعاون الدولي ناصر الشريدة ومحافظ البنك المركزي د.عادل شركس- في واشنطن أطلق كل من «الصندوق والبنك الدوليين» ،تحذيرات من تزايد مخاطر الركود العالمي، بل ان «صندوق النقد الدولي» كان أكثر جرأة حين أكد في تقريره ( آفاق الاقتصاد العالمي) يوم أمس بأن ( الأسوأ لم يأت بعد! ) وتحديدا للاقتصادات الثلاث الكبرى عالميا : الولايات المتحدة الامريكية والصين والاتحاد الاوروبي ..والسبب في ذلك - بحسب التقرير ايضا -أن التحديات تتفاقم في وجه الاقتصاد الدولي نتيجة عوامل ثلاث:» الآثار المترتبة للحرب في أوكرانيا - وأزمة ارتفاع تكاليف المعيشة - وتباطؤ اقتصاد الصين».
من هنا فقد خفّض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي لعام 2022 بواقع( 1.2%) عن مراجعة يناير/ كانون الثاني - أي قبل الحرب الروسية الاوكرانية - وذلك من( 4.45 ) الى (3.2%).
الركود العالمي الذي يحذّر (البنك والصندوق الدوليان) من تزايد مخاطره يأتي في وقت يجبر فيه « التضخم» المتسارع البنوك المركزية على رفع أسعارالفائدة ،الأمرالذي يعوق النمو .
« الأسوأ» لم يأت بعد «.. لأن العالم - وتحديدا القارة الاروربية تواجه شتاء صعبا لم تقوى شعوب كثير من الدول الاوروبية على تحمّل تبعاته - رغم أنه لا زال في بداياته - فنزلوا الى الشوارع محتجين ، بل انعكست آثاره على مزاج الناخبين الساخطين من السياسات الاقتصادية الضاغطة - كما حدث في ايطاليا - .
« القادم أسوأ».. بعد انقطاع امدادات الغاز الروسي عن دول اوروبية سيكلّفها البديل (الغاز الامريكي) أربعة اضعاف سعر الغاز الروسي ، علاوة على ارتفاع متزايد في فاتورة الدعم العسكري الاوروبي لاوكرانيا في حربها ضد روسيا.
على الصعيد الآخر فان انعكاسات قرار (أوبك +) الاخير بتخفيض الانتاج بواقع(2 مليون برميل يوميا ) رفع أسعار النفط ، وزاد من التحديات الاقتصادية على القارة الاوروبية تحديدا كما كثير من دول العالم - وهذا الملف مطروح في زيارة رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد الى موسكو، كما هو على طاولة مؤتمر مجموعة الدول السبع - ..ولا أحد يعلم في ظل استمرار حالة «عدم اليقين» الى أين يتجه العالم -مع اصرار الاطراف المعنية في الحرب الروسية الاوكرانية -الى متى ستستمر هذه الحرب التي ربما بات فيها الدمار الاقتصادي أكبر بكثير من الدمار الذي تحدثه الماكينة العسكرية على الارض؟!
* وما دام الحال هكذا ..ماذا عن الاردن؟ وكيف سيواجه كل هذه التحديات ..وأبرز عناوينها:
1- ارتفاع اسعار النفط :الامر الذي سترتفع فيه فاتورة المحروقات على الاردن ،وسينعكس ارتفاع سعر برميل النفط على المواطنين والقطاع الخاص وما تمثله فاتورة الطاقة كمدخل انتاج رئيس يؤثر ارتفاعها سلبا على تنافسية منتجاته وصادراته ..كما سينعكس كل ذلك في نهاية المطاف على «عجز الموازنة العامة».
2- ارتفاع الدولار: وهذا سينعكس سلبا أيضا على كلف استيراد السلع بالدولار.. وينعكس ارتفاع أسعار السلع على المستهلكين.
3- زيادة التضخم العالمي الذي أدى وسيؤدي لمواصلة الفيدرالي الامريكي رفع أسعار الفائدة، وسيؤدي ذلك لرفع أسعار الفائدة من قبل «المركزي الاردني» لارتباط الدينار بالدولار وللحفاظ على قوة الدينار الاردني ومواجهة « الدولرة «...ولهذا القرار تأثيرات أيضا على ارتفاع قيمة القروض على الافراد وعلى الدولة ايضا بارتفاع الفائدة على قروضها ،وبالتالي زيادة «المديونية».
- لكن ،وكما أن لكل قرار أو مستجدات سلبيات وايجابيات، وكما أن دولا ستتأثر سلبا من كل ما يجري، فان مثل» دول الخليج النفطية «ستستفيد من ارتفاع اسعار النفط والدولار، وبالتالي يمكن للأردن الاستفادة من هذه الجزئية ،في حال واصل نجاحه بقطف ثمار السيولة الزائدة في دول الخليج بجذب السياحة ورفع ايراداتها وجذب الاستثمارات وزيادة حوالات المغتربين .. بما يرفع معدلات «النمو» في مواجهة ارتفاع معدلات «التضخم» .. وربما يكون ذلك سبب رفع توقعات صندوق النقد الدولي لمعدلات النمو في الاردن من(2.4%) الى (2.7%) العام المقبل.