هي فلسطين، تختلف لها وبها معاني الحياة ومفردات البشرية، فعلى أرضها يزداد العنف والظلم والانتهاكات، على أرضها يحرق المستعمر القرآن الكريم، على أرضها يُقتل المصلّون، على أرضها ترتكب الكبائر على الانسانية والديانات، بيد محتلّ لا يعرف لونا لهذه الحياة سوى اللون الأحمر..
أيام تمرّ على الفلسطينيين ليست صعبة فحسب، إنما هي جرائم حرب تنتهك حياة شعب أعزل، ذنبه الوحيد أنه فلسطيني، يدافع ويناضل من أجل وطنه، دفاعا عن حريته، وعن حقوقه الشرعية التي تضمنتها مواثيق دولية، وليست محلية، أو حتى عربية، كل ما يحدث في فلسطين يجعل لكل معنى لكلمات الظلم والانتهاك والحرب والمقاومة والنضال معاني أخرى غير تلك التي اعتادت عليها البشرية، فما يحدث في فلسطين مختلف بحرفيّة المعنى، بطبيعة الحال مختلف نحو التضخيم.
انتهاكات يومية يقوم بها المتطرفون باقتحام المسجد الأقصى/ الحرم القدسي الشريف، بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي، والسماح لهم بممارسات استفزازية تنتهك حرمة الحرم الشريف والمقابر الاسلامية، دون مراعاة لقدسية الاماكن المقدسة، ولا حُرمة المقابر، ناهيك عن فرض قيود على دخول المصلين، مشهد أصبح يتكرر يوميا، والاختلاف في بشاعة الممارسات وبشاعة الجرائم التي لا تعد ولا تحصى ترتكب يوميا على الشعب الفلسطيني نساء ورجالا وأطفالا تزداد عنفا وظلما يوما بعد يوم.
وفي جريمة جديدة يرتكبها الإسرائيليون أقدموا على حرق نسخ من القرآن الكريم في مدينة الخليل الفلسطينية، عن أي إجرام نتحدث فقد ألغت قوات الاحتلال الاسرائيلي، كل المعاني المتوارثة عن الإجرام وعن الحروب وعن الاستفزازات، أوجدت معاني جديدة مليئة بالتأزيم والإجرام، وانتهاك أقدس ما هو في هذه الدنيا، كتاب الله القرآن الكريم، دون أدنى شكّ أن كل ما يحدث يضعني أمام عجز التعبير والكتابة ونقل ما تنقله لنا شاشات التلفزة ووكالات الأنباء وما يصلنا من خلال زملائنا في القدس المحتلة ومدن فلسطين المختلفة، واقع ألف مستحيل بل أكثر التعبير عنه وصياغته بواقعية.
نضال ومقاومة ومواجهة، كيف تحكيها أسطر، يصعب أن نجد بين مفردات اللغة التي اختارتها البشرية لتعبّر وتحكي ما يحدث في فلسطين، هي فلسطين التي كتب عليها أن تبقى في منتصف الأشياء، تبحث عن ضالتها وعن وجهة لبوصلة غدها أمام جرائم حرب يتعرض لها مواطنوها مع كل دقيقة تقرعها ساعات أيديهم وساعات زمنهم، هي فلسطين عروس السلام لكنها حتى اليوم لم ترتدي زيّها الأبيض، لتبقى معلّقة بين تحديات ومواجهات ونضال لا يقارن بأي نضال ولا بأي مقاومة، فهي فلسطين التي ستبقى عند الكثيرين على قارعة زمنهم ففي نضالها لا يساندها سوى توأمها الأردن.
بالأمس، حذّر الأردن على لسان الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين سنان المجالي من تبعات الاستفزازات الإسرائيلية، والتي تنذر بالمزيد من التصعيد ويمثّل اتجاها خطيرا يجب وقفه فورا، مجددا التأكيد على أن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون الحرم وتنظيم الدخول إليه، هي نداءات أردنية ومطالبات مستندة على القوانين الدولية، على اسرائيل الالتزام بها، فواقع الحال إن استمر على ما هو عليه لن يعود هناك أي معاني للسلام أو العيش الطبيعي الآمن.