الخريف، الموعد الموسمي للاعلان عن جائزة نوبل، ولربما ان اختيار فصل الخريف ليس صدفة ولا عبثا. والخريف فصل تتساقط به اوراق الشجر، والطبيعة تعبر عن رغبتها الدفينة بالتجديد.
ويتكرر السؤال سنويا عن الجدارة والنزاهة والشفافية في منح جائزة نوبل، وما هي المعايير التي تمنح بموجبها الجائزة.
عربيا، عبدالرحمن منيف وادونيس حرما من الترشح لجائزة نوبل للاداب لموقفهما من اسرائيل والتطبيع الثقافي، وموقفهما السياسي الرافض للصهيونية والكولونية الاستعمارية الغربية، وتوابعها الاقتصادية والثقافية.
نال عرب جائزة نوبل في العلوم والفيزياء والكيمياء والسلام. والروائي المصري نجيب محفوط نال نوبل للاداب بعدما بارك اتفاقية كامب ديفيد والسلام المصري / الاسرائيلي.
هناك جوائز اهم من نوبل، وجوائز تضاهي نوبل مكانة وقيمة وقدرا. ولكن نوبل احتلت مكانة وشهرة واعترافا عالميا، وتجاوز نطاق حدودها الجغرافية والقومية.
والجائزة معبرة عن صورة لعقدة المركزية السياسية والثقافية الغربية، وكيف ينظرون الى العالم والاخر.. والى مبدأ ثنائي بسيط.. معي ام ضدي.
جائزة نوبل ظفرت باسم صاحبها مخترع البارود، وقد جاءت اعتذارا عن الموت والدمار والخراب الذي سببه البارود.
جان بول سارتر الفيلسوف الفرنسي اعتذر عن جائزة نوبل للاداب.. وحينها رفض سارتر الجائزة احتجاجا على حرب فيتنام وانتهاك مصائر البشر، واما جائزة السلام الذي اقترن ذكر الجائزة بها، فالسلام ينعم في سبات طويل.
ويلاحظ عربيا ان اكثر الحاصلين على الجائزة في حقول السياسة والسلام.. والعرب اقل حظا في الثقافة والفن والادب والشعر.. وهي مفارقة حضارية، فالشعر ديوان العرب، ومرادف ادبي للهوية القومية العربية.
من اعتذروا عن جائزة نوبل واشهرهم جان بول سارتر عبروا في موقفهم عن رفضهم لحروب امريكا، وما الحقته سياسة امريكا ودول الغرب من هلاك ودمار في شعوب العالم الثالث.
الجائزة ليست معصومة.. ومستحقو الجائزة هم اضعاف من ظفروا بها.. ولاي جائزة اجندة ماورائية وابعاد ترمزية خفية، ويقع ذلك في اختيار الفائزين، وكيف يتم اختيارهم، ولماذا يختارون ؟
والاسئلة والهواجس عن نوبل لا تنقطع، وكل عام تتجدد.. وخصوصا، بعدما منحت هذا العام لناشطين حقوقيين «بلا روسي واوكراني» معاديين لروسيا.
وفي اختيار نوبل فان اكثر السياسيين الاسرائيليين الحاصلين عليها مناحيم بيغين وبيريز فقد اداروا ظهرهم للسلام، وساندوا ودعموا سياسات اسرائيلية حكومية اشد عنفا وتنكيلا بالفلسطينيين.